ولولا رؤيته له لاشتبه عليه في حين سماعه منه وما عرفه والتشغيب (1) في هذه المسألة طويل وفي هذا الحديث ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من ضيق الحال وشظف العيش وأنه كان صلى الله عليه وسلم يجوع حتى يبلغ به الجوع والجهد إلى ضعف الصوت وهو غير صائم وفيه أن الطعام الذي لمثله يدعى الضيف ولا يدعى إلا لأرفع ما يقدر عليه كان عندهم الشعير وقد كان أكثر طعامهم التمر في أول الإسلام وكان يمر بهم الشهر والشهران ما توقد (ب) في بيت أحدهم نار وذلك محفوظ معناه من حديث عائشة وغيرها وفيه قبول مواساة الصديق وأكل طعامه وإن ذلك ليس بصدقة وإنما كان صلة وهدية ولو كان صدقة ما أكله رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه أن الرجل إذا دعى إلى طعام جاز لجلسائه أن يأتوا معه إذا دعاهم الرجل وإن لم يدعهم صاحب الطعام وذلك عندي محمول على أنهم علموا ان صاحب الطعام تطيب لهم نفسه بذلك ووجه آخر أن يكون الطعام يكفيهم وقد قال مالك لا ينبغي لمن دعى إلى طعام أن يحمل مع نفسه غيره إذ لا يدري هل يسر بذلك صاحب الطعام أم لا قال مالك إلا أن يقال له ادع من لقيت وفيه اكتراث المؤمن عند ضيق الحال إذا نزل به ضيف وليس معه ما يكفيه من الطعام
(٢٩٠)