الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٦١٤
وقال الشافعي تحرم صدقة الفرض على بني هاشم وبني عبد المطلب لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم في سهم ذي القربى وتحل صدقة التطوع عليهم وعلى كل أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر روى أبو رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ومولى القوم منهم وفي هذا الحديث عندي نظر وقد روى أبو حيان التميمي عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم أنه قيل له من آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة قال آل علي وآل جعفر وآل عباس وآل عقيل قال أبو عمر قول من قال هم بنو هاشم من بني عبد المطلب بن هاشم [وأسد بن هاشم] وسائر بني هاشم أولى وحجة من قال هذا القول قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم (1) وقد قيل إنهم قريش كلهم وهذا قول ضعيف وأما قوله أوساخ الناس فقد بان في حديث مالك في هذا الباب 1889 - مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال قال عبد الله بن الأرقم ادللني على بعير من المطايا أستحمل عليه أمير المؤمنين فقلت نعم جملا من الصدقة فقال عبد الله بن الأرقم أتحب أن رجلا بادنا في يوم حار غسل لك ما تحت إزاره ورفغيه (2) ثم أعطاكه فشربته قال فغضبت وقلت يغفر الله لك أتقول لي مثل هذا فقال عبد الله بن الأرقم إنما الصدقة أوساخ الناس يغسلونها عنهم وخرج قوله أوساخ الناس مخرج المثل السائر المضروب في كراهة الصدقة لمن وجد عنها غنى ومعناه يقتضي وجهين يعضدهما الأصول أحدهما أن الأوساخ التي ضرب بها المثل هي على الغني حرام لأن الكلام خرج على الصدقة المفروضة وهي لا تحل للأغنياء
(٦١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 ... » »»