الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٥٤٦
وقد بينا ذلك كله فيما سلف من كتابنا هذا والحمد لله كثيرا وقال بن جريج وغيره في قوله عز وجل " ولا يأتين ببهتن يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف " [الممتحنة 12] كانت المرأة في الجاهلية تلد الجارية فتأخذ الغلام مكانها وتقول لزوجها هو ولدك وأما قوله في حديث بن المنكدر هذا في بيعة النساء ولا نعصيك في معروف فقيل المعروف كل ما أمرهم به صلى الله عليه وسلم فإنه لا يأمر أبدا إلا بالمعروف ولا ينهاهم إلا عن المنكر قال الله عز وجل " يأمرهم بالمعروف وينههم عن المنكر ويحل لهم الطيبات " [الأعراف 157] وقيل المعروف ها هنا حرج النساء على ألا ينحن على موتاهن روي ذلك عن أم سلمة ومن رواية من يرفعه وروي مثله عن أم عطية قالت أخذ علينا في البيعة ألا ننوح وقال بن عباس اشترط عليهن ألا ينحن نياحة الجاهلية ولا يخلون بالرجال في البيوت وقال الحسن كان في ما أخذ عليهن ألا يتحدثن مع الرجال إلا أن يكون محرما فإن الرجل قد تلاطفه المرأة بالكلام فيمني في فخذه وقال عبد الله بن بسر ترون يدي هذه صافحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بايعته وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر أنهما بايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما ابنا سبع سنين فلما رآهما بسط يده وتبسم وبايعهما وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث وما كان مثلها في معنى الباب في التمهيد والحمد لله كثيرا وقد روى بن وهب وإبراهيم بن طهمان وسعيد بن داود كلهم عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة في بيعة النساء قالت ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم [بيده يد امرأة قط] إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته قال اذهبي فقد بايعتك وروى حجاج عن بن جريج عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحنهن بهذه الآية " يا أيها النبي إذا
(٥٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 ... » »»