فقال قوم المحرم من المرأة من السبيل فإذا لم يكن معها زوج أو ذو محرم فليست ممن استطاعت سبيلا لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها عن السفر إلا معه وقد ذكرنا الاختلاف في ذلك وجوازه في كتاب الحج واختلف العلماء أيضا في المسافة التي يقصر فيها المسافر الصلاة فقال قوم بريدا وقال آخرون يوما وقال آخرون يوما وليلة وقالت طائفة يومين وقالت طائفة ثلاثة أيام على حسب ما روى كل واحد منهم في هذا الباب وقد ذكرنا هذه المسألة في كتاب الصلاة فأغنى عن إعادتها ها هنا ومذهب الكوفيين أن الصلاة لا تقصر في المسافة أقل من ثلاثة أيام وحجتهم عن الثلاثة الأيام [مجتمع عليها] للمسافر في قصر الصلاة قالوا ولا يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سافر أقل من ثلاث فقصر الصلاة وإنما قصر الصلاة بذي الحليفة في توجهه إلى مكة والأصل في الصلاة التمام فالواجب إلا تقصر إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف وقد أجمعوا أن من سافر ثلاثة أيام فله أن يقصر وما أجمعوا عليه فهو اليقين الذي يجب أن يدان به وأما ألفاظ الأحاديث واختلافهما فذلك عندي - والله أعلم - لا يصح حمله إلا على أجوبة السائلين فأدى كل واحد منهم معنى ما أجيب به عن سؤاله كأنه سأل فقال يا رسول الله هل تسافر امرأة بريدا بغير محرم فقال لا فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تسافر امرأة بريدا إلا مع ذي محرم وكذلك السائل عن مسيرة يوم وليلة وعن ثلاثة أيام فأدى كل واحد منهم معنى ما سمع مما أجيب به عما سأل عنه والذي جمع معاني آثار هذا الحديث - على اختلاف ألفاظه - أن تكون المرأة تمنع من كل سفر [يخشى عليها فيه] الفتنة إلا مع ذي محرم [أو زوج] قصيرا كان السفر أو طويلا والله أعلم
(٥٣٣)