الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٣٧٣
وهذا كله في معنى الأزواد الذي أتت السنة به لما فيه من مصلحة العامة وإدخال الرفق عليهم وقد قال مالك لا يجوز احتكار الطعام في سواحل المسلمين لأن ذلك يضر بهم ويزيد في غلاء سعرهم ومن أضر بالناس حيل بينه وبين ذلك وقال أيضا لا يخرج الطعام من سوق بلد إلى غيره إذا كان ذلك يضر بأهله فإن لم يضر بهم فلا بأس أن يشتريه كل من احتاج إليه وهذا كله من قوله خلاف قوله لا يجبر الناس على إخراج الطعام في الغلاء ولا يجوز التسعير على أهل الأسواق وذلك ظلم ولكن من انحط من السعر قيل له ألحق وإلا فأخرج وقد أوضحنا هذه المعاني في كتاب البيوع وفي هذا الحديث جواز أكل دواب البحر ميتة وغير ميتة بخلاف قول الكوفيين أنه لا يجوز أكل شيء من دواب البحر إلا السمك ما لم يكن طافيا فإن كان السمك طافيا لم يؤكل أيضا وهذه المسألة قد أوضحناها في كتاب الطهارة عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتتة (1) وفي كتاب الصيد أيضا فلا معنى لإعادتها وقد احتج بهذا الحديث من أجاز أكل لحم الصيد إذا أنتن وكذلك كل ما ذكي لأنه معلوم أن الحوت والميتة كلها إذا بقيت أياما أنتنت وقد أكل أبو عبيدة وأصحابه من ذلك الحوت ثماني عشرة ليلة فلا شك أنهم كانوا يأكلونه بعد أن أصل وأنتن والذكي لا يضره نتنه من جهة الحرام وأنه كره لرائحته وقال جماعة من أهل العلم لا يؤكل إذا أنتن لأنه حينئذ من الخبائث ورجس من الأرجاس وإن كان مذكي واحتجوا بحديث أبي ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حدثناه سعيد بن سيد قال حدثني عبد الله بن محمد بن علي قال حدثني محمد بن عبد الملك بن أيمن
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»