الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٢٢٥
وكذلك كان عليهم حراما رجوعهم من هجرتهم إلى أعرابيتهم ألا ترى إلى حديث بن مسعود قال آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهداه إذا علموا به والواشمة والمستوشمة للحسن ولاوي الصدقة والمرتد أعرابيا بعد هجرته ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم (1) وهذا الأعرابي كان ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المقام بالمدينة فلما لحقه من الوعك أراد الخروج عنها إلى وطنه ولم يكن - والله أعلم - ممن رسخ الإيمان في قلبه بل كان من الأعراب الذين قال الله (عز وجل) أنهم أجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله وقد أوضحنا هذا المعنى في التمهيد والحمد لله وأما قوله عليه السلام [إن المدينة كالكير تنفي خبثها] فلا خبث أكثر دناءة ممن رغب بنفسه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحبته] وأما قوله عليه السلام وينصع طيبها فالناصع السالم الخالص الباقي على النار والنقي [الطيب من] الحديد قال النابغة الذبياني (أتاك بقول هلهل النسخ كاذب * ولم يأت بالحق الذي هو ناصع (2)) وقد ذكرنا في التمهيد حديث مجاشع بن مسعود قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم [لأبايعه على الهجرة فقال عليه السلام قد مضت الهجرة لأهلها ولكن على الإسلام والجهاد والخير (3) وحديث يعلى بن أمية قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم] بأبي يوم الفتح فقلت يا
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»