وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة (1) وأما حديث أبي هريرة ففيه من المعاني اختصاص الرئيس في الخير والدين والعلم والسلطان بالهدية والطرفة رجاء دعائه بالبركة وبرا به وإكراما له وتبركا بدعوته وأما دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم [لأهل المدينة] فمجاب كله إن شاء الله عز وجل وإذا كانت الإجابة موجودة لغيره فما ظنك به صلى الله عليه وسلم وقد يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لنا يريد [نفسه] وأصحابه الذين آمنوا به وصدقوه واتبعوه على دينه في زمانه وتدرك بركه تلك الدعوة في قوله اللهم بارك لنا كل من كان حيا مولودا في مدته وكل من آمن به واتبعه من ساكني المدينة إن شاء الله (عز وجل) ومعلوم أنه لم يرد بدعائه طعام المنافقين ولم يدخله في دعوته تلك لأنه لم يقصدهم بذلك وقد ظن قوم أن هذا الحديث يدل على أن المدينة أفضل من مكة بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بمثل ما دعا به إبراهيم لمكة ومثله معه وليس كما ظنوا لأن دعاء إبراهيم لمكة لم تعرف فضيلة مكة به وحده بل كان فضلها قبل أن يدعو لها ودعاء إبراهيم - عليه السلام - قد علمناه بما نطق به القرآن في قوله عز وجل * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر) * الآية [البقرة 126] وقد كانت مكة حرما آمنا بدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى حرم مكة [ولم يحرمها الناس (2) وقوله عليه السلام إن الله تعالى حرم مكة] يوم خلق السماوات والأرض (3) وأجمع المسلمون على القول بأن مكة حرم الله وقالوا في المدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٢١٩)