الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٤
وكذلك عندهم ريح المسكر سواء لأن كل معسكر عندهم خمر على ما رووا في ذلك عن النبي وسيأتي بعد في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله عز وجل وخالفهم في ذلك جمهور أهل العراق وطائفة من أهل الحجاز فقالوا لا حد على أحد في رائحة الخمر [وهو يعقل] لا رائحة المعسكر وذكر عبد الرزاق (1) [عن بن جريج] قال قلت لعطاء [الريح] توجد من شارب الخمر وهو يعقل قال لا حد إلا بالبينة قد تكون الرائحة من الشراب الذي ليس به بأس قال وقال عمرو بن دينار لا حد في الريح وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما قال الشافعي لا يحد الذي يوجد منه ريح الخمر إلا بأن يقول شربت خمرا أو مسكرا أو يشهد بذلك عليه وسواء سكر أو لم يسكر قال ولو شرب شرابا فلم يسكر وشرب من ذلك الشراب غيره فسكر كان عليهما جميعا الحد لأن كل واحد منهما شرب مسكرا وأما العراقيون إبراهيم النخعي وسفيان الثوري وبن أبي ليلى وشريك وبن شبرمة وأبو حنيفة وسائر فقهاء الكوفة وأكثر علماء البصرة فإنهم لا يرون في شرب المسكر حدا إلا على من سكر منه ولا يراعون الريح من الخمر ولا من المسكر [قال] ولا يرون في الريح من ذلك كله حدا وهذا خلاف عن السلف من الصحابة الذين لم يخالفهم مثلهم وذكر أبو بكر قال حدثني وكيع عن بن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد أن عمر رضي الله عنه كان يضرب في الريح وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال حدثنا بن شهاب عن السائب بن يزيد أنه حضر عمر بن الخطاب وهو يجلد رجلا وجد منه ريح شراب فجلده الحد تاما قال أبو عمر لم يسم مالك ولا بن جريج في حديثهما هذا عن بن
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»