الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ١٦٨
وكذلك أجمعوا على قتل الذكر بالأنثى إلا أن منهم من قال إن قتل أولياء المرأة الرجل بها أدوا نصف الدية إن شاؤوا وإلا أخذوا الدية ولا يقتل الذكر بالأنثي حتى يؤدوا نصف الدية روي هذا القول عن علي (رضي الله عنه) ولا يصح لأن الشعبي لم يلق عليا وقد روى الحكم عن علي وعبد الله قال إذا قتل الرجل المرأة متعمدا فهو بها قود وهذا يعارض قول الشعبي عن علي رضي الله عنه مما روي عنه وروي ذلك عن الحسن أيضا واختلف فيه عن عطاء وهو قول عثمان البتي] وأما جمهور العلماء وجماعة أئمة الفتيا بالأمصار فمتفقون على أن الرجل يقتل بالمرأة [كما تقتل المرأة به] لقول الله عز وجل * (النفس بالنفس) * [المائدة 45] ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون تتكأفأ دماؤهم ولم يخص الله (عز وجل) ولا رسوله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا ذكرا من أنثى وليس شيء من هذا مخالفة لكتاب الله (عز وجل) لأن المسلمين لا يجتمعون على تحريف التأويل لكتاب الله (عز وجل) بل الكتاب والسنة بينا مراد قول الله عز وجل من قوله * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) * [البقرة 178] وإنما كان يكون ذلك خلافا لكتاب الله عز وجل لو قال أحد إنه لا يقتل حر بحر ولا تقتل أنثى بأنثى وهذا لا يقوله أحد لأنه خلاف ظاهر الآية ورد لها وقد روي عن بن عباس وغيره من أهل العلم بتأويل القرآن أن سبب نزول الآية كان لما كان عليه أهل الجاهلية إذا قتل الشريف منهم عبدا قالوا لا يقتل به إلا حرا وكان فيهم القود ولم تكن فيهم الدية فأنزل الله (عز وجل) * الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شيء " [البقرة 178] يعني الدية " فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسن ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " [البقرة 178] وأما قول عثمان البتي ومن روى عنه مثل قوله في أن المرأة لا يقتل بها الرجل حتى يؤدي أولياؤها نصف الدية لأن دية المرأة نصف دية الرجل فهذا خلاف النص والقياس والإجماع لأن علماء المسلمين مجمعون أن من قطعت يده فأخذ لها
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»