الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ١٤٤
قاد هدية فأصابت طيرا فقتلته فقال إن كان يقودها أو يسوقها حتى أصابت الطير فقد وجب عليه جزاء ما قتلت وإن لم يكن يقودها ولا يسوقها فليس عليه جزاء ما أصابت وقال بن سيرين كانوا لا يضمنون من النفحة ويضمنون من رد العنان وقال شريح وحماد لا يضمن النفحة إلا أن ينخس قال أبو عمر هذا كقول مالك وقد روى سفيان بن حسين الواسطي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل جبار (1) إلا أنه لم يروه عن الزهري إلا سفيان بن حسين الواسطي وقد أشبعنا هذا الباب في التمهيد وقال داود وأهل الظاهر لا ضمان على أحد في جرح العجماء برجل أو مقدم ولا على حال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل جرحها جبارا إلا أن يحملها على ذلك أو يرسلها عليه فتكون حينئذ كالآلة ويلزمه ضمان ما أفسد بجناية نفسه ولا يضمن إلا القاصد إلى الإفساد دون السبب في ذلك إلا أن يجمعوا على أمر فيسلم له قال مالك (2) والأمر عندنا في الذي يحفر البئر على الطريق أو يربط الدابة أو يصنع أشباه هذا على طريق المسلمين أن ما صنع من ذلك مما لا يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين فهو ضامن لما أصيب في ذلك من جرح أو غيره فما كان من ذلك عقله دون ثلث الدية فهو في ماله خاصة وما بلغ الثلث فصاعدا فهو على العاقلة وما صنع من ذلك مما يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين فلا ضمان عليه فيه ولا غرم ومن ذلك البئر يحفرها الرجل للمطر والدابة ينزل عنها الرجل للحاجة فيقفها على الطريق فليس على أحد في هذا غرم قال أبو عمر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والبئر جبار يعني أن من وقع في البئر فدمه هدر وليس على حافرها فيه شيء وكذلك لو وقعت في البئر دابة لأحد إلا أن ذلك على ما قاله مالك - رحمه
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»