الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٥٢٢
فإن قيل أن بن جريج روى عن بن شهاب أنها إذا أسلمت قبله خير زوجها فإن أسلم فهي امرأته وإلا فرق الإسلام بينهما قيل له لم يختلف قول بن شهاب ولا اختلفت آثاره التي ذكرنا أن الرجل إذا أسلمت زوجته قبله كان أحق بها ما كان إسلامه في عدتها وهذا يبين لك أن قوله يخير ما دام في العدة لا في وقت إسلامه فقط وقد روى إسرائيل وغيره عن سماك بن حرب عن عكرمة عن بن عباس قال أسلمت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجرت وتزوجت وكان زوجها قد أسلم فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إني قد أسلمت معها وعلمت بإسلامي فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر وردها إلى زوجها الأول (1) وقد ذكرنا هذا الحديث من طرق في ((التمهيد)) وفيه دليل [على] إن الإسلام [منها] لا يحرمها على زوجها الكافر إذا أسلم بعدها ما لم تنقض عدتها [قال أبو عمر] وأما الكوفيون [سفيان وأبو حنيفة وأصحابهما] فإنهم قالوا في الكافرين الذميين إذا أسلمت المرأة عرض على الزوج الإسلام فإن أسلم وإلا فرق بينهما قالوا ولو كانا حربيين كانت امرأته حتى تحيض ثلاث حيض فإن لم يسلم في العدة وقعت الفرقة وقالوا لو كانت المرأة مجوسية فأسلم الزوج ولم يدخل بها ولم تسلم حتى انقضت عدتها فلها نصف الصداق وإن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهما على نكاحهما [قال أبو عمر] فرقوا بين الحربيين والذميين لاختلاف الدارين [عندهم] وقالوا في الآثار التي ذكرها بن شهاب أن قريشا المذكورين ونساءهم كانوا حربيين [قال أبو عمر] لا فرق بين الدارين في الكتاب ولا في السنة ولا في القياس وإنما المراعاة في ذلك كله في الديانات فباختلافهما يقع الحكم والله المستعان
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»