الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٤٥
وقول سعيد بن المسيب كان الناس يعطون النفل من الخمس كما قال والذي أراه أن يكون من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر كان أعدل الأقاويل عندي والله أعلم في هذا الباب أن يكون النفل من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم لولا أن في حديث بن عمر هذا ما يدل على أنه لا يكون ذلك من خمس الخمس وذلك أن تنزل تلك السرية على أنهم كانوا عشرة مثالا ومعلوم أنه إذا عرفت ما للعشرة علمت ما للمائة وللألف فمثال ذلك أن تكون السرية عشرة أصابوا في غنيمتهم مائة وخمسين بعيرا خرج منها خمسها بثلاثين وصار لهم مائة وعشرين قسمت على عشرة وجب لكل واحد اثنا عشر بعيرا ثم أعطي القوم من الخمس بعيرا بعيرا فهذا صحيح على من جعل النفل من جملة الخمس لا من خمس الخمس لأن خمسة ثلاثين لا يكون فيه عشرة أبعرة وقد يحتج أن يكون محتمل أن يكون من خمس الخمس بأن يكون هناك ثياب وخرثي متاع غير الإبل فأعطى من لم يبلغه البعير قيمة البعير من غير ذلك من العروض وكان أبو عبيد القاسم بن سلام يقول في حديث بن عمر هذا النفل الذي ذكره بعد الإسهام ليس له وجه إلا أن يكون من الخمس وقال غيره النفل الذي في خبر بن عمر إنما هو نفل السرايا كان النبي - عليه السلام - ينفل في البداءة الثلث وفي الرجعة الربع وقال أبو ثور وذكر نفل النبي صلى الله عليه وسلم في البداءة والرجوع وذكر حديث بن عمر هذا ثم قال وهذا يدل على أن النفل قبل الخمس وقال الأوزاعي وأحمد بن حنبل جائز للإمام أن ينفل في البداءة الربع بعد الخمس وفي الرجعة الثلث بعد الخمس وهو قول الحسن البصري وجماعة وقال النخعي كان الإمام ينفل السرية الثلث والربع يضريهم ويحرضهم على القتال وقال مكحول والأوزاعي لا نفل بأكثر من الثلث _ وهو قول جمهور العلماء وقال الأوزاعي في أمير أغار فقال من أخذ شيئا فهو له كما قال ولا بأس
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»