الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ١٧٠
وأما فتيا بن عباس المرأة التي جعلت على نفسها مشيا إلى قباء وماتت أن تمشي ابنتها عنها فقد تقدم في كتاب الصيام الاختلاف عن بن عباس في قضاء الولي عن وليه الميت ما كان واجبا عليه من صوم أو صدقة وما للعلماء في ذلك ما غنى عن إعادته ها هنا وأما الدليل على أن الصلاة في الموضع الفاضل تجزئ عن الصلاة في الموضع المقصود إليه بالصلاة فحديث جابر حدثناه عبد الله بن حماد قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد قال أخبرنا حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رجلا قال يا رسول الله إني نذرت لله إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس قال ((صل ها هنا)) فأعاد عليه مرتين كل ذلك يقول ((صل ها هنا)) وأعاد عليه الثانية فقال ((شأنك إذا)) (1) قال أبو عمر كل من ذهب إلى أن المسجد الحرام أفضل من مسجد النبي عليه السلام فعلى هذا يخرج جوابه بدليل هذا الحديث الذي ذكرناه وكذلك قول مالك ومن تبعه في تفضيل مسجد النبي عليه السلام على المسجد الحرام يجيء أيضا على مثل هذا أن يصلي في مسجد النبي عليه السلام ولا يذهب إلى المسجد الحرام وهذا لا نعلم أن أحدا قاله فيمن نذر المشي إلى مكة ليصلي في مسجدها أنه يجزئه الصلاة في مسجد النبي عليه السلام فدل ذلك على فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره وكذلك لم يوجب أحد المشي إلى المدينة على الأقدام وأوجبوه إلى مكة وذلك بين في فضل مشيه إلى مكة علي غيره وبالله التوفيق إلا أن الرواية عن مالك في كل موضع يتقرب فيه إلى الله - عز وجل - بالصوم والصلاة ألا يتعدى إلى غيره وإن فات أفضل بدليل الحديث المذكور ومن هذا الأصل جوابه فيمن نذر أن يعتكف في مسجد النبي عليه السلام فاعتكف في الفسطاط أن لا يجزئه
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»