الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ١١٤
سبيل إلى استيطان مكة لما تقدم ذكرنا له فمن هنا لم نجد لمكة ذكرا في حديث عمر والله أعلم وفي هذا الباب عند أكثر رواة الموطأ حديث جابر بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله)) فذكر المطعون والمبطون والغريق والحريق وصاحب ذات الجنب والذي يموت تحت الهدم والمرأة تموت بجمع وقد مضى القول في هذا المعنى من رواية يحيى في الموطأ ويدخل في هذا الباب لأنه مما تكون فيه الشهادة ويدخل فيه قول عمر الشهيد من احتسب نفسه على الله ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال ((مر عمر بقوم وهم يذكرون سرية هلكت فقال بعضهم هم شهداؤهم في الجنة وقال بعضهم لهم ما احتسبوا فقال عمر إن من الناس من يقاتل رياء ومنهم من يقاتل حمية ومنهم من يقاتل إذا دهمه القتال ورهقه ومنهم من يقاتل ابتغاء وجه الله فأولئك الشهداء وإن كل نفس تبعث على ما تموت عليه ولا تدري نفس ما يفعل بها إلا الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)) - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى أبو العجفاء عن عمر بن الخطاب أنه قال في خطبة خطبها تقولون في مغازيكم قتل فلان شهيدا ولعله قد أوقر دابته غلولا لا تقولوا ذلك ولكن قولوا من قتل في سبيل الله فهو في الجنة وروى الثوري عن صالح عن أبي عاصم عن أبي هريرة قال إنما الشهيد الذي لو مات على فراشه دخل الجنة يعني الذي يموت على فراشه ولا ذنب له 959 - وذكر مالك في هذا الباب عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال كرم المؤمن تقواه ودينه حسبه ومروءته خلقه والجرأة والجبن غرائز يضعها الله حيث شاء فالجبان يفر عن أبيه وأمه والجريء يقاتل عما لا يؤوب به إلى رحله والقتل حتف من الحتوف والشهيد من احتسب نفسه على الله قال أبو عمر أما قوله كرم المؤمن تقواه فمن قول الله تعالى * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * [الحجرات وأما قوله ودينه حسبه فإنه أراد أن الحسب الرفيع حقيقة الدين فيمن انتسب إلى أب ذي دين فهو الحسب وهذا أولى منه على 13]
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»