الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٣٨٥
وأما الشافعي فتجب عنده على من سمع النداء من خارج المصر ولا يختلف العلماء في وجوب الجمعة على من كان بالمصر بالغا من الرجال الأحرار سمع النداء أو لم يسمعه قال أبو عمر وقد روي في هذا الباب عن بن الزبير وعطاء قول منكر أنكره فقهاء الأمصار ولم يقل به أحد منهم وذلك أن عبد الرزاق روى عن بن جريج قال قال عطاء إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما يصلي ركعتين فقط ولا يصلي بعدها حتى العصر قال بن جريج ثم أخبرنا عند ذلك قال اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد في زمن بن الزبير فقال بن الزبير عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا صلى ركعتين بكرة صلاة الفطر ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر وروى سعيد بن المسيب عن قتادة قال سمعت عطاء يقول اجتمع عيدان على عهد بن الزبير فصلى العيد ثم لم يخرج إلى العصر قال أبو عمر أما فعل بن الزبير وما نقله عطاء من ذلك وأفتى به على أنه قد اختلف عنه فلا وجه فيه عند جماعة الفقهاء وهو عندهم خطأ إن كان على ظاهره لأن الفرض من صلاة الجمعة لا يسقط بإقامة السنة في العيد عند أحد من أهل العلم وقد روى فيه قوم أن صلاته التي صلاها لجماعة ضحى يوم العيد نوى بها صلاة الجمعة على مذهب من رأى أن وقت صلاة العيد ووقت الجمعة واحد وقد أوضحنا فساد قول من ذهب إلى ذلك في باب المواقيت وتأول آخرون أنه لم يخرج إليهم لأن صلاها في أهله ظهرا أربعا وهذا لا دليل فيه في الخبر الوارد بهذه القصة عنه وعلى أي حال كان فهو عند جماعة العلماء خطأ وليس على الأصل المأخوذ به والأصل في ذلك ما ذكره علي بن المديني قال حدثني يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان سمع عبد العزيز بن رفيع قال حدثني ذكوان أبو صالح أن عيدين اجتمعا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم صلاة العيد وقال إنكم قد أصبتم ذكرا وخبرا ونحن مجمعون إن شاء الله فمن شاء منكم أن يجمع فليجمع ومن شاء أن يجلس فليجلس
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»