الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٧١
وقال الشافعي والأوزاعي وداود والطبري وهو المشهور عن أحمد بن حنبل يجوز أن يقتدي في الفريضة بالمتنفل وأن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر فإن كل مصل يصلي لنفسه وله ما نواه من صلاته فالأعمال بالنيات ومن حجتهم أن قالوا إنما أمرنا أن نأتم بالإمام فيما يظهر إلينا من أفعاله فأما النية فمغيبة عنها ومحال أن نؤمر باتباعه فيما يخفى من أفعاله علينا قالوا وفي الحديث نفسه ما يدل على ذلك أنه قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وقد ذكرنا في التمهيد من زاد في هذا الحديث وإذا كبر فكبروا وإذا سجد فاسجدوا ولم تختلف الرواية فيه في قوله وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا فعرفنا أفعاله التي نأتم به فيها صلى الله عليه وسلم بما يقتدى فيه بالإمام وهي أفعاله إليهم من التكبير والركوع والسجود والقيام والقعود ففي هذا قيل لهم لا تختلفوا عليه قالوا ومن الدليل على صحة هذا التأويل حديث جابر من نقل الأئمة في قصة معاذ إذ كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرف فيؤم قومه في تلك الصلاة التي صلاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي له نافلة ولهم فريضة ولا يوجد من نقل من يوثق به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إما أن تجعل صلاتك معي وإما أن تخفف بالقوم وهذا لفظ منكر لا يصح عن أحد يحتج بنقله ومحال أن يرغب معاذ عن الصلاة الفريضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاته مع قومه وهو يعلم فضل ذلك وفضل صلاة الفريضة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفه صلى الله عليه وسلم والدليل على صحة هذا التأويل أيضا قوله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (1) فنهى أصحابه وسائر أمته أن يشتغلوا بنافله إذا أقيمت المكتوبة فكيف يظن بمعاذ أن يترك صلاة لم يصلها بعد ولم يقض ما افترض عليه في وقتها ويتنفل وتلك تقام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله عليه وسلم قد قال لهم لا صلاة إلا المكتوبة التي تقام
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»