الخطاب فإذا صلوا الجمعة انصرفوا فاستدركوا راحة القائلة والنوم فيها على ما جرت عادتهم ليستعينوا بذلك على قيام الليل والله أعلم وهذا تأويل حسن غير مدفوع 12 - مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن بن أبي سليط أن عثمان بن عفان صلى الجمعة بالمدينة وصلى العصر بملل (1) قال مالك وذلك للتهجير (2) وسرعة السير اختلف فيما بين المدينة وملل فروينا عن بن وضاح أنه قال اثنان وعشرون ميلا ونحوها وقال غيره ثمانية عشر ميلا وهذا كما قاله مالك أنه هجر بالجمعة فصلاها في أول الزوال ثم أسرع السير فصلى العصر ((بملل)) ليس في أول وقتها - والله أعلم - ولكنه صلاها والشمس لم تغرب ولعله صلاها ذلك اليوم لسرعة السير والشمس بيضاء نقية وليس في هذا ما يدل على أن عثمان صلى الجمعة قبل الزوال كما زعم من ظن ذلك واحتج بحديث مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن بن أبي سليط قال ((كنا نصلي مع عثمان بن عفان الجمعة فننصرف وما للجدر ظل)) وهذا الخبر الثاني عن عثمان ليس عند القعنبي ولا عند يحيى بن يحيى صاحبنا وهما من آخر من عرض على مالك ((الموطأ)) وهذا وإن احتمل ما قال فيحتمل أن يكون عثمان صلى الجمعة في أول الزوال ومعلوم أن الحجاز ليس للقائم فيها كبير ظل عند الزوال وقد ذكر أهل العلم بالتعديل أن الشمس بمكة تزول في حزيران على دون عشر أقدام وهذا أقل ما تزول الشمس عليه في سائر السنة بمكة والمدينة فإذا كان هذا أو فوقه قليلا فأي ظل يكون للجدر حينئذ بالمدينة أو مكة فإذا احتمل الوجهين لم يجز أن يضاف إلى عثمان أنه صلى الجمعة قبل الزوال إلا بيقين ولا يقين مع احتمال التأويل والمعروف عن عثمان في مثل هذا أنه كان متبعا لعمر لا يخالفه وقد ذكرنا عن علي أنه كان يصليها بعد الزوال وهو الذي يصح عن سائر الخلفاء وعليه جماعة العلماء والحمد لله
(٥٧)