وذكر بن أبي ذئب في موطئه عن أخيه المغيرة بن عبد الرحمن أنه قال كان يخرج مني المذي قال فربما توضأت المرتين والثلاث فأتيت ربيعة بن أبي عبد الرحمن فسألته فقال والله ما أدري ائت القاسم بن محمد فسله عسى أن تجد عنده علما قال فجئت القاسم فسألته فقال إنما ذلك من الشيطان فاله عنه فلهوت عنه فانقطع عني وهذا الباب فيمن كان خروج المذي منه لعلة وفساد لا لصحة وشهوة وهو الذي يسميه أصحابنا المستنكح وهو صاحب السلس الذي لا ينقطع مذيه أو بوله لعلة نزلت به من كبر أو برد أو غير ذلك وقد أجمع العلماء على أنه لا يسقط ذلك عنه فرض الصلاة وأن عليه أن يصليها في وقتها على حالته تلك إذ لا يستطيع غيرها واختلفوا في إيجاب الوضوء عليه للصلاة مع حاله تلك فذهب مالك أنه لا يجب له الوضوء لكل صلاة ولكنه يستحب له ذلك اعتبارا بالمستحاضة والوضوء عنده لها استحباب أيضا وحجته قوله تعالى * (أو جاء أحد منكم من الغائط) * [النساء 43 والمائدة 6] وذلك لما كان معتادا معروفا قصد الغائط من أجله ولأن دم المستحاضة دم عرق ولا يوجب ذلك عنده وضوءا وقد مضى في باب الأحداث وجه قوله ويأتي القول في المستحاضة في موضعه إن شاء الله وقال الشافعي يتوضأ لكل صلاة وقال الأوزاعي يجمع بين الظهر والعصر بوضوء واحد وقال الثوري والأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما الوضوء على المستحاضة واجب لكل صلاة رووا في ذلك آثارا سنذكرها أو بعضها في بابها إن شاء الله وقالوا تؤدى صلاتها على تلك الحال فكذلك وضوءها وكذلك قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ((فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي وتوضئي لكل صلاة)) (1)
(٢٤٤)