فضائل سيدة النساء - عمر بن شاهين - الصفحة ٢٦
فخرج من عندها واثقا بالله وحسن الظن به واستقرض دينارا فبينا الدينار بيده أراد أن يبتاع لهم ما يصلح لهم إذ عرض له المقداد في يوم شديد الحر قد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته فلما رآه أنكره قال يا مقداد ما الذي أزعجك من رحلك هذه الساعة قال يا أبا حسن خل سبيلي ولا تسألني عما ورائي فقال يا ابن أخي إنه لا يحل لك أن تكتمني هذا حالك قال أما إذ أبيت فوالذي أكرم محمدا بالنبوة ما أزعجني من رحلي إلا الجهد ولقد تركت أهلي يبكون جوعا فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مغموما راكبا رأسي فهذه حالي وقصتي ثم فهملت عينا علي رضي الله عنه بالبكاء حتى بلت دموعه لحيته قال أحلف بالذي حلفت ما أزعجني غير الذي أزعجك ولقد اقترضت دينارا فهاك آثرتك به على نفسي فدفع إليه الدينار ورجع حتى دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فصلى فيه الظهر والعصر والمغرب فلما قضى النبي صلاة المغرب مر بعلى عليه السلام في الصف الأول فغمزه برجله فثار على خلف النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحقه عند باب المسجد فسلم عليه فرد السلام فقال يا أبا الحسن هل عندك شئ تعشينا فانفتل إلى الرجل فأطرق علي رضي الله عنه لا يحير جوابا حياء من النبي صلى الله عليه وسلم وقد عرف الحال التي خرج عليها فلما نظر إلى سكون على قال يا أبا الحسن مالك أولا عنك أو تقول نعم فأجيئ معك فقال له حبا وكرامة بلى اذهب بنا وكان الله تعالى قد أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أن تعشى عندهم فقال على بلى فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده فانطلقا حتى دخلا على فاطمة عليها السلام في مصلى لها وقد صلت وخلفها جفنة تفور دخانا فلما سمعت كلام النبي صلى الله عليه وسلم في رحلها خرجت من المصلى فسلمت عليه وكانت أعز الناس عليه فرد السلام ومسح بيده على رأسها وقال كيف أمسيت رحمك الله عشينا غفر الله لك وقد فعل فأخذت الجفنة فوضعتها بين
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»