كتاب الغرباء - محمد بن الحسين الآجري - الصفحة ٥
بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن الغربة في الاسلام ظاهرة حية باقية، نشأت وقت بعث النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الايمان، وعباده الواحد القهار، وينبذ ما سوى ذلك، ويبشر ببزوغ فجر جديد يطل بنوره على الانسانية أجمع.
وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم كانت البشرية ذات أديان شتى، واعتقادات مختلفة، فكان بينها اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان والشمس والقمر، وغيرهم من الملل والنحل، فلما بعث رسول الله كان من أسلم من كل حي أو قبيلة أو طبقة غريبا في حيه وقبيلته وأهله وعشيرته خائفا على دينه، مستخفيا بإسلامه، قد جفاه أهله وعشرته، ونبذوه وآذوه، فإذا هو بينهم مهان ذليل، محتمل لجفاهم، صابر على أذاهم، وكيف لا يكون المسلم كذلك وقد ابتلي في الدنيا بالفتنة إذ قال الله تعالى:
* (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) * (العنكبوت: 2، 3)، وقد تجلت هذه الفتنة بهجرة المسلمين الأوائل وصبرهم على أذى الكفار وجهادهم في سبيل هذا الدين ونشر العدل في الأرض بين الناس، إلى أن أعز الله تعالى الاسلام، وجعل كلمته هي
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست