المعجم الأوسط - الطبراني - ج ٧ - الصفحة ٧٩
إنك ستراه فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتاه الخضر وهو طيب الريح حسن بياض الثياب فقال السلام عليك يا موسى بن عمران إن ربك يقرأ عليك السلام ورحمة الله قال موسى هو السلام ومنه السلام وإليه السلام والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه ولا أقدر على شكره إلا بمعونته ثم قال موسى أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك فقال الخضر يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم (2 / 133 - أ) واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك واعزف عن الدنيا وانبذها وراءك فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل قرار وإنها جعلت بلغة للعباد وليتزودوا تعالى منها (1) للمعاد ويا موسى وطن نفسك على الصبر تلقى الحكم وأشعر قلبك التقوى تنل العلم ورض نفسك على الصبر تخلص من الاثم يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده فإنما العلم لمن يفرغ له ولا تكونن مكثارا بالمنطق مهدارا فإن إن كثرة المنطق تشين العلماء وتبدي مساوئ السخفاء ولكن عليك بذي اقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد وأعرض عن الجهال واحلم عن السفهاء فإن ذلك فضل الحكماء وزين العلماء إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه سلما وجانبه حزما فإن بقي من جهله عليك وشتمه إياك أكثر وأعظم يا ابن عمران ألا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلا فإن الاندلاث (2) والتعسف من الاقتحام والتكلف يا ابن عمران لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه يا ابن عمران من لا تنتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي منها رغبته كيف يكون عابدا من يحقر حاله ويتهم الله بما قضى له كيف يكون زاهدا هل يكف عن الشهوات من قد غلب عليه هواه وينفعه طلب العلم والجهل قد حواه (3) لان سفره إلى (4) آخرته وهو مقبل على دنياه
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»