بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد، فإن مما من الله سبحانه وتعالى على عباده أن بعث سيدنا محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وجعل سنة رسوله صلى الله عليه وسلم - قولية كانت أو فعلية - هي الموضحة لأحكامه، المبينة لإجماله، الهادية إلى طرق تطبيقه.
ولهذه الأهمية البالغة للسنة النبوية عني صحابة رسول الله ومن بعدهم بحفظها وجمع شتاتها. وقام العلماء الجهابذة في القرون المفضلة بتدوينها وجمعها في المصنفات، والمسانيد، والجوامع، والسنن، والمعاجم، والأجزاء، وغير ذلك.
ثم قاموا أيضا بوضع قواعد دقيقة، وموازين ثابتة لتمحيص الأسانيد ونقدها، والتعرف على أحوال رواتها، وتمييز صحيحها من سقيمها. وبذلك نالت السنة المشرفة بجهودهم العظيمة ما لم يعهد في أمة من الأمم، ولا في نص من النصوص غير القرآن الكريم.
والكتاب الذي نقدمه اليوم هو مما أثمرته تلك الجهود العظيمة في خدمة السنة المشرفة، وهو من تصنيف الإمام الحافظ أحمد بن إبراهيم الدورقي البغدادي، وهو من أقران يحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل. ومن شيوخ مسلم، وأبي داود، والترمذي، وابن ماجة، وغيرهم.
وقد قمت بتحقيقه وضبطه وتخريج أحاديثه وبيان غريبها وأحكامها، والله أسأل أن يتقبل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، كما أسأله - جلت قدرته - أن يوفقنا لما يحبه