مسند ابن راهويه - إسحاق بن راهويه - ج ٢ - الصفحة ٣٢٤
الحق فأنا لك جار فارتحل ابن الدغنة ورجع معه أبو بكر، فقال لهم، وطاف في كفار قريش، فقال لهم: أن أبا بكر لا يخرج ولا يخرج مثله، إنه يكسب المعدوم، ويصل الرحم ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق.
فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة، وأمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر أن يعبد ربه في داره، ويصلي ما شاء ويقرأ ما شاء ولا يؤذينا، ولا يستعلن بالصلاة والقراءة في غير داره / ففعل أبو بكر ذلك، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبنائهم، فيتعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا لا يملك دمعة إذا قرأ القرآن.
فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم، فقالوا: إنا إنما أجرنا أبا بكر أن يعبد ربه في داره وقد ابتنى مسجدا بفناء داره وأنه أعلن بالصلاة والقراءة، وإنا خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فأته، فقل له: إما أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فليرد إليك ذمتك فإنا نكره أن نخفر ذمتك ولسنا بمقرين لأبي بكر الاستعلان.
فأتى ابن الدغنة أبا بكر، فقال: قد علمت الذي عقدت لك علينا إما أن تقصر على ذلك وإما أن ترجع إلي ذمتي، فإني لا أحب أن يسمع العرب أني أخفرت في عقد رجل عقدت له، فقال أبو بكر: فإني أرضى
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»