شرح سنن النسائي - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١١٦
هذا المحشر في الدنيا قبل قيام الساعة وهو آخر أشراطها ويدل على أنه قبل يوم القيامة قوله وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا وفي حديث مسلم في أشراط الساعة وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس وفي رواية تطرد الناس إلى محشرهم وفي حديث آخر لا تقوم الساعة حتى تخرج النار من أرض الحجاز وفي بعض الروايات في غير مسلم فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام كأنه أمر بسبقها إليه قبل ازعاجها لهم وذكر الحليمي أن ذلك في الآخرة فقال يحتمل أن قوله عليه الصلاة والسلام يحشر الناس على ثلاث طرائق إشارة إلى الأبرار والمخلطين والكفار فالأبرار الراغبون إلى الله تعالى فيما أعد لهم من ثوابه والراهبون هم الذين بين الخوف والرجاء فأما الأبرار فإنهم يؤتون بالنجائب وأما المخلطون فهم الذين أريدوا في هذا الحديث وقيل أنهم يحملون على الأبعرة وأما الفجار الذين تحشرهم النار فان الله تعالى يبعث إليهم ملائكة فتقيض لهم نارا تسوقهم ولم يرد في الحديث الا ذكر البعير وأما ان ذلك من إبل الجنة أو من الإبل التي تحيا وتحشر يوم القيامة فهذا ما لم يأت بيانه والأشبه أن لا تكون من نجائب الجنة لان من خرج من جملة الأبرار وكان مع ذلك من جملة المؤمنين فإنهم بين الخوف والرجاء لان من هؤلاء من يغفر الله له ذنوبه فيدخله الجنة ومنهم من يعاقبه بالنار ثم يخرجه منها ويدخله الجنة وإذا كانوا كذلك لم يلق أن يردوا موقف الحساب على نجائب الجنة ثم ينزل الله بعضهم إلى النار لان من أكرمه
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 126 ... » »»