شرح سنن النسائي - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١١٠
أنه كان هذا الدنو وهو في مستقره من السماوات وفي الحديث في رؤية جبريل فرفعت رأسي فإذا جبريل صاف قدميه بين السماء والأرض يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فجعلت لا أصرف بصري إلى ناحية الا رأيته كذلك وهذا محمل تنزله تعالى إلى سماء الدنيا ودنوه عشية عرفة ونحوه فهو منزه عن الحركة والانتقال وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانا لم يمكن أن تكون في غيره وهذا غلط محض وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الاسراء موسى قائما يصلي في قبره ويرد على من يسلم عليه وهو في الرفيق الاعلى ولا تنافي بين الامرين فإن شأن الروح غير شأن الأبدان وقد مثل ذلك بعضهم بالشمس في السماء وشعاعها في الأرض وإن كان غير تام المطابقة من حيث أن الشعاع إنما هو عرض للشمس وأما الروح فهي نفسها تنزل وكذلك رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء ليلة الاسراء في السماوات الصحيح أنه رأى فيها الأرواح في مثال الأجساد مع ورود أنهم أحياء في قبورهم يصلون وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا بلغته وقال إن الله وكل بقبري ملكا أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا مع القطع بأن روحه في
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»