شرح سنن النسائي - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٥٢
الفضل والصدق لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم ولا من بينه وبين الميت عداوة لان شهادة العدو لا تقبل وقال الحافظ بن حجر اقتصار عمر على ذكر أحد الشقين إما للاختصار وإما لاحالته السامع على القياس والأول أظهر وقال النووي في هذا الحديث قولان للعلماء أحدهما أن هذا الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل وكان ثناؤهم مطابقا لأفعاله فيكون من أهل الجنة فإن لم يكن كذلك فليس هو مرادا بالحديث والثاني وهو الصحيح المختار أنه على عمومه وإطلاقه وأن كل مسلم مات فألهم الله الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا لأنه وان لم تكن أفعاله تقتضيه فلا تحتم عليه العقوبة بل هو في حظر المشيئة فإذا ألهم الله عز وجل عباده الثناء عليه استدللنا بذلك على أنه سبحانه وتعالى قد شاء المغفرة وبهذا تظهر فائدة أثناء وقوله صلى الله عليه وسلم وجبت وأنتم شهداء الله في الأرض لو كان لا ينفعه ذلك إلا أن يكون أفعاله تقتضيه لم يكن للثناء فائدة وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم فائدة لا تذكروا هلكاكم إلا بخير قيل ما الجمع بين هذا ونحوه وبين الحديث السابق ومر بجنازة فأثنى عليها شرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت ولم ينههم عن الثناء بالشر وأجاب النووي بأن النهي عن سب الأموات هو في غير المنافق والكافر وفي غير المتظاهر بفسق أو بدعة فأما هؤلاء فلا يحرم ذكرهم بالشر للتحذير من طريقهم
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»