الشيخ عز الدين بن عبد السلام اعلم أن النور عبارة عن أجسام قام بها عرض لكنه ليس مرادا هنا لكنه يعبر بالنور عن المعارف وبالظلمات عن الجهل من مجاز التشبيه لان المعارف والايمان تنبسط لها النفوس ويذهب الغم عنها بها ويبشر بالنجاة من المعاطب تشبيها كما يتفق لها ذلك في النور الحقيقي وتغتم بالجهالات وتنقبض وتخاف الهلاك تشبيها كما يتفق لها ذلك في الظلمات فلما تشابها عبر بأحدهما عن الآخر الا أن هذا يصح جوابا عن القلب وأما في سائر ما ذكر فليس كذلك لان المعارف مختصة بالقلب الا أنما عداه مما ذكر تتعلق به التكاليف أما العصب والشعر والدم فمن جهة الغذاء وأما اللسان فمن جهة الكلام والبصر من جهة النظر وكذلك ينظر في سائرها ويثبت له من التكاليف ما ينسابه إذا تقرر ذلك فاعلم أن التكليف فرع عن العلم بالله والايمان به فمن لم يكن له ذلك لا يوقع شيئا من القرب وإذا كانت مسببة عن الايمان والمعارف الذي هو النور المجازي فسماها نورا من باب إطلاق السبب على المسبب فالمراد بالنور الذي في القلب غير النور الذي في غيره وقال القرطبي هذه الأنوار التي دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن تحمل على ظاهرها فيكون معنى سؤاله أن يجعل الله تعالى له في كل عضو من أعضائه نورا يوم القيامة يستضئ به في تلك الظلم هو ومن تبعه والأولى أن يقال هي مستعارة للعلم والهداية وقال النووي قال العلماء سأل النور في أعضاءه وجهاته والمراد بيان الحق وضياؤه والهداية إليه فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وحالاته وجملته في جهاته الست حتى لا يزيغ شئ منها عنه يتأول القرآن قال القرطبي معناه
(٢١٩)