عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٤٠
التحريم، ومنها: ما رواه أبو داود في الأطعمة عن إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب، فإن قلت: قال البيهقي: تفرد به ابن عياش وليس بحجة، وقال المنذري: إسماعيل بن عياش وضمضم فيهما مقال، وقال الخطابي: ليس إسناده بذلك. قلت: ضمضم حمصي وابن عياش إذا روى عن الشاميين كان حديثه صحيحا، كذا قاله البخاري ويحيى بن معين وغيرهما والعجب من البيهقي أنه قال في باب ترك الوضوء من الدم مثل ما قال البخاري ويحيى، وهنا يقول: ليس بحجة، ولما أخرج أبو داود هذا الحديث سكت عنه وهو حسن عنده على ما عرف، وقد صحح الترمذي لابن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة وشرحبيل شامي، وروى الطحاوي في (معاني الآثار) مسندا إلى عبد الرحمن بن حسنة. قال: نزلنا أرضا كثيرة الضباب، فأصابتنا مجاعة فطبخنا منها. وإن القدور لتغلي بها إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ فقلنا: أضباب أصبناها، فقال: إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض إني أخشى أن تكون هذه، فأكفئوها.
11 ((باب: * (طعام الواحد يكفي الإثنين) *)) أي: هذا باب في بيان أن طعام الواحد يكفي الاثنين، وهذه الترجمة لفظ حديث أخرجه ابن ماجة بإسناده عن عمر ابن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة، والأربعة وطعام الأربعة يكفي الخمسة والستة وروى الطبراني من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا جميعا ولا تفرقوا فإن طعام الواحد يكفي الاثنين، وروى الطبراني أيضا من حديث ابن مسعود. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة، روى الطبراني أيضا من حديث سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: طعام الواحد يكفي الاثنين، وحديث الباب يخالف الترجمة على ما لا يخفى لأن مرجع قضية الترجمة النصف ومرجع قضية حديث الباب الثلث والربع. وأجيب: بأنه أشار بالترجمة إلى أن هذه الألفاظ المذكورة في الأحاديث المذكورة، ولما لم يكن أحاديث هؤلاء المذكورين على شرطه ذكر في الترجمة. وذكر حديث أبي هريرة في الباب لكونه على شرطه.
5392 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك وحدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طعام الإثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة.
وجه المطابقة بين الترجمة والحديث يفهم مما ذكرناه الآن، وأخرجه من طريقين: أحدهما: عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة. والآخر: عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك إلى آخره.
والحديث أخرجه مسلم في الأطعمة عن يحيى بن يحيى عن مالك وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة عن مالك وأخرجه النسائي في الوليمة عن قتيبة عن مالك وعن غيره.
قوله: (وطعام الاثنين كاف الثلاثة) يعني: ما يشبع به اثنان يشبع ثلاثة وما يشبع به ثلاثة يشبع أربعة. قال المهلب: المراد بهذه الأحاديث الحض على المكارمة والتقنع بالكفاية يعني: ليس المراد الحصر في مقدار الكفاية وإنما المراد المواساة، وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامهما وإدخال رابع أيضا بحسب من يحضر، وقال ابن المنذر: يؤخذ من حديث أبي هريرة استحباب الاجتماع على الطعام، وأن لا يأكل المرء وحده، فإن البركة في ذلك. قلت: وقد ذكرنا أن الطبراني، روى من حديث ابن عمر: (كلوا جميعا ولا تفرقوا) الحديث.
12 ((باب: * (المؤمن يأكل في معى واحد) *)) أي: هذا باب يذكر فيه المؤمن يأكل في معي واحد، فلفظ معي مقصور بكسر الميم والتنوين، ويجمع على: أمعاء، وهي المصارين وتثنيته: معيان. قال أبو حاتم: أنه مذكر مقصور ولم أسمع أحدا أنث المعى، وقد رواه من لا يوثق به، والهاء في سبعة في
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»