ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه وكان محمد إذا ذكره قال: صدق النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ألا هل بلغت! ألا هل بلغت.
مطابقته للترجمة في قوله: (أليس يوم النحر؟) وقد مر فيه في أول الباب.
وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وأيوب السختياني، ومحمد هو ابن سيرين وابن أبي بكرة عبد الرحمن يروي عن أبيه أبي بكرة نفيع بن الحارث مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الثقفي البصري.
والحديث مضى أولا في كتاب العلم في: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رب مبلغ أوعى من سامع)، وأخرج بعضه أيضا في العلم في: باب ليبلغ الشاهد الغائب، وأخرجه أيضا في كتاب الحج في: باب الخطبة في أيام منى وأخرج بعضه أيضا في كتاب بدء الخلق في باب ما جاء في سبع أرضين، وأخرجه أيضا في التفسير وفي الفتن، ومضى الكلام في هذه المواضع.
قوله: (الزمان)، قال الكرماني: يراد به هنا السنة. والزمان يقع على جميع الدهر وبعضه. قوله: (كهيئته)، صفة لمصدر محذوف أي: استدار استدارة مثل حالته يوم خلق السماوات والأرض. وقال ابن الأثير: يقال: دار يدور واستدار يستدير بمعنى: إذا طاف حول الشيء وعاد إلى الموضع الذي ابتدأ منه، ومعنى الحديث أن العرب كانوا يؤخرون المحرم إلى صفر وهو النسيء ليقاتلوا فيه ويفعلون ذلك سنة بعد سنة، فينتقل المحرم من شهر إلى شهر حتى يحملوه في جميع شهور السنة، فلما كانت تلك السنة كان قد عاد إلى زمنه المخصوص به قبل النقل، ودارت السنة كهيئة الأولى فوافق حجة الوداع أصله فوقع الحج في ذي الحجة، وبطل النسيء الذي كان في الجاهلية وعادت الأشهر إلى الوضع القديم قوله: (أربعة حرم) جمع حرام أي: يحرم القتال فيها ثلاث منها سرد وواحد فرد. قوله: (ثلاث) القياس ثلاثة، ولكن التمييز إذا كان محذوفا جاز فيه الأمران. قوله: (ورجب مضر) إنما خصه بمضر لأنهم كانوا يعظمونه غاية التعظيم ولم يغيروه عن موضعه الذي بين جمادى الآخرة وشعبان، وإنما وصفه به تأكيدا وإزاحة للريب الحادث فيه من النسيء، ومضر بضم الميم قبيلة وهي مضر بن نزار بن معد بن عدنان. قوله: (أليس البلدة)، أي: المعهودة التي هي أشرف البلاد وأكثرها حرمة يعني: مكة المشرفة، وذكر ثابت في (غريب الحديث) البلدة بفتح اللام. قال: ومنى أيضا يسمى البلدة. قلت: في القرآن بإسكان اللام (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة) ولا يعرف ما قال ثابت إلا أن يكون لغة للعرب أيضا بفتح اللام. قوله: (أليس يوم النحر)؟ أي: يوم ينحر فيه الأضاحي في سائر الأقطار والهدايا بمنى. قوله: (قال محمد) هو ابن سيرين. قوله: (وأحسبه) أي: وأحسب ابن أبي بكرة قال في حديثه: (وأعراضكم) جمع عرض بكسر العين وهو موضع المدح والذم من الإنسان كالغيبة وذلك كالقتل في الدماء والغصب في الأموال وشبهها في الحرمة باليوم والشهر والبلد لأنهم لا يرون استباحة تلك الأشياء وانتهاك حرمتها بحال، وإنما قدم السؤال عنها تذكارا للحرمة. قوله: (ضلالا) بضم الضاد المعجمة وتشديد اللام جمع ضال. قوله: (يضرب) بالرفع والجزم. قوله: (ليبلغ) من التبليغ. قوله: (من يبلغه) على صيغة المعلوم ويروى على صيغة المجهول وهو مضارع من التبليغ. قوله: (فلعل) جعل لعل بمعنى عسى في دخول أن في خبره. قوله: (أوعى) أي: أحفظ. ويروى: أرعى من الرعاية. قيل: هو الأشبه لأن المقصود الرعاية له والامتثال به. قوله: (وكان محمد) هو ابن سيرين أيضا. قوله: (إذا ذكره) في رواية الكشميهني: إذا ذكر، بدون الضمير المنصوب قوله: (ألا هل بلغت) القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بقية الحديث ولكن الراوي فصل بين قوله: (بعض من يسمعه) وبين قوله: (ألا هل بلغت) بكلام ابن سيرين المذكور وبلغت مذكور مرتين.
6 ((باب: * (الأضحى والنحر بالمصلى) *)) أي: هذا باب في بيان كون الأضحى والنحر بالمصلى، وهو الموضع الذي يصلى فيه صلاة العيد والمقصود من هذه الترجمة بيان السنة في ذبح الإمام وهو أن يذبح في المصلى لئلا يذبح أحد قبله ليذبحوا بعده بيقين وليتعلموا أيضا صفة الذبح فإنه مما يحتاج فيه إلى البيان وليبادروا أيضا بعد الصلاة إلى الذبح كما قال صلى الله عليه وسلم: (أول ما نبدأ به أن نصلي) ثم ننصرف فنحر. قوله: والنحر وفي بعض النسخ: والمنحر بالميم في أول النحر.