عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١٣٧
إحداهن قنطارا) * (النساء: 02) والقنطار المال العظيم من قنطرت الشيء إذا رفعته، ومنه القنطرة.
قاله الزمخشري: واختلفوا فيه: هل هو محدود أم لا؟ فقال أبو عبيد: هو وزن لا يحد، وقيل: هو محدود، ثم اختلفوا فيه، فقيل: هو ألف ومائتا أوقية، رواه أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم وبه قال معاذ بن جبل وابن عمر، وقيل: إثنا عشر ألف أوقية، رواه أبو هريرة، وقيل: ألف ومائتا دينار، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وقيل: سبعون ألف دينار، وروي عن ابن عمر ومجاهد، وقيل: ثلاثون ألف درهم أو مائة رطل من الذهب، وقيل: سبعة آلاف دينار، وقيل: ثمانية آلاف دينار، وقيل: ألف مثقال ذهب أو فضة، وقيل: ملء مسك ثور ذهبا، وكل ذلك تحكم، إلا ما روي عن خبر، وعن ابن عباس في هذه الآية: وإن كرهت امرأتك وأردت أن تطلقها وتتزوج غيرها فلا تأخذ منها شيئا من مهرها ولو كان قنطارا من الذهب.
قوله: * (أو تفرضوا لهن) * (البقرة: 632) وزاد أبو ذر: فريضة. قوله: وقال سهل بن سعد في حديث الواهبة نفسها: ولو خاتما من حديد، وقد مضى حديث سهل مرارا عديدة، وذكر هنا طرفا منه، وأشار به البخاري أيضا إلى أن المهر لا يقدر بشيء.
وقد اختلف العلماء في أكثر الصداق وأقله. فزعم المهلب أنه لا حد لأكثره قوله تعالى: * (وآتيتم إحداهن قنطارا) * (النساء: 02) وذكر عبد الرزاق عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه: لا تغالوا في صدقات النساء، فقالت امرأة: ليس ذلك يا عمر، إن الله عز وجل قال: * (وآتيتم إحداهن قنطارا) * (النساء: 02) فقال: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته، وذكر أبو الفرج الأموي وغيره: أن عمر صدق أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنهم، أربعين ألفا، وأن الحسن بن علي تزوج امرأة فأرسل إليها مائة جارية ومائة ألف درهم، وتزوج معصب بن الزبير عائشة بنت طلحة فأرسل إليها ألف درهم، فقيل في ذلك:
* بضع الفتاة بألف ألف كامل * وتبيت سادات الجيوش شياعا * وأصدق النجاشي أم حبيبة، رضي الله تعالى عنها، عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرهه أبو داود أربعة آلاف درهم وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الحربي: وقيل: أصدقها أربعمائة دينار، وقيل: مائتي دينار. وفي مسلم: قالت عائشة: كان صداق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ثنتي عشرة أوقية ونشا فذلك خمسمائة درهم. وقال الحربي: أصدق صلى الله عليه وسلم سودة بيتا ورثه، وعائشة بن علي متاع بيت قيمته خمسون درهما، رواه عطية عن أبي سعيد، وأصدق زينب بنت خزيمة ثنتي عشرة أوقية ونشا، وأم سلمة بن علي متاع قيمته عشرة دراهم، وقيل: كان جرتين ورحى ووسادة حشوها ليف، وعند أبي الشيخ: علي جرار خضر ورحى يد، وعند الترمذي: بن علي أربعمائة درهم، وفي مسلم: لما قال الأنصاري وقد تزوج: بكم تزوجتها؟ قال: بن علي أربع أواق، فقال صلى الله عليه وسلم: (أربع أواق؟ كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل). وعند ابن حبان عن أبي هريرة: كان صداقنا إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أواق، زاد أبو الشيخ في كتاب النكاح، فطبق يده. وذاك أربعمائة درهم. وعن عدي بن حاتم: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو صداق بناته أربعمائة درهم، وبسند لا بأس به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ربيعة بن كعب الأسلمي امرأة من الأنصار بن علي وزن نواة من ذهب، وروي عن أنس: قيمة النواة خمسة دءاهم. وفي رواية: ثلاثة دراهم وثلث درهم، وإليه ذهب أحمد بن حنبل، وعن بعض المالكية: النواة ربع دينار. وقال أبو عبيدة: لم يكن هناك ذهب إنما هي خمسة دراهم تسمى نواة كما تسمى الأربعون أوقية، وبسند جيد عن أبي الشيخ عن جابر: إن كنا لننكح المرأة بن علي الحفنة أو الحفنتين من الدقيق، ولما ذكره المرزباني استغربه، وعند البيهقي: قال صلى الله عليه وسلم: (لو أن رجلا تزوج امرأة بن علي ملء كفه من طعام لكان ذلك صداقا). وفي لفظ قال صلى الله عليه وسلم: (من أعطى في صداق امرأة ملء الحفنة سويقا أو تمرا فقد استحل). قال البيهقي: رواه ابن جريج فقال فيه: كنا نستمتع بالقبضة، وابن جريج أحفظ، وفي كتاب أبي داود: عن يزيد عن موسى عن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر، يرفعه: (من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقا أو تمرا فقد استحل). وقال ابن القطان: وموسى لا يعرف. وقال أبو محمد: لا يعول عليه، وروي الترمذي من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فزارة تزوجت بن علي نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت: نعم. فأجازه). وروي البيهقي في المعرفة والدارقطني في سننه والطبراني في معجمه: عن محمد بن عبد الرحمن السلماني عن أبيه عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»