لم يوص به يسقط سواء كان صلاة أو زكاة، ويبقى عليه الإثم والمطالبة في حكم الآخرة، وإن أوصى به يعتبر من الثلث، فعلى الوارث أن يطعم عنه لكل صلاة، وقت نصف صاع كما في الفطرة، وللوتر أيضا عند أبي حنيفة، وإن كان صوما يصوم لكل يوم كصلاة كل وقت، وإن كان حجا فعلى الوارث الإحجاج عنه من الثلث وكذا الحكم في النذور والكفارات، وأما دين العباد فهو مقدم بكل حال.
النوع التاسع: في ظهار العبد. ففي (موطأ مالك) أنه سأل ابن شهاب عن ظهار العبد، فقال نحو ظهار الحر، وقال مالك: صيام العبد في الظهار شهران. وقال أبو عمر: لا خلاف بين العلماء أن الظهار للعبد لازم. وأن كفارته المجمع عليها الصوم، قال: واختلفوا في العتق والإطعام، فأجاز أبو ثور وداود للعبد العتق إن إعطاه سيده وأبي ذلك سائر العلماء، وقال ابن القاسم عن مالك أن أطعم بإذن مولاه جاز، وإن أعتق بلا إذنه لم يجز وأحب إلينا أن يصوم، وقال مالك: وإطعام العبد كإطعام الحر ستين مسكينا لا أعلم فيه خلافا.
النوع العاشر: في بيان العود. المذكور في الآية. واختلفوا في معناه. فقال الشافعي: العود الموجب للكفارة أن يمسك عن طلاقها بعد الظهار بمضي مدة يمكنه أن يطلقها فلم يطلقها، وقال قتادة في قوله تعالى: * (ثم يعودون لما قالوا) * (المجادلة: 3) يريد أن يغشاها ويطأها بعدما حرمها وإليه ذهب أبو حنيفة قال: إن عزم بن علي وطئها ونوى أن يغشاها يكون عودا ويلزمه الكفارة، وإن لم يعزم بن علي الوطء لا يكون عودا، وقال مالك: إن وطئها كان عودا وإن لم يطأها لم يكن عودا. وقال أصحاب الظاهر: إن كرر اللفظ كان عودا وإلا لم يكن عودا. وهو قول أبي العالية وذكر ابن بطال أن العود عند مالك هو العزم بن علي الوطء، وحكى عنه أن الوطء بعينه، ولكن تقدم الكفارة عليه وهو قول ابن القاسم وأشار في (الموطأ) إلى أنه العزم بن علي الإمساك والإصابة، وعليه أكثر أصحابه، وقال ابن المنذر: وهو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وذهب الحسن وطاووس والزهري إلى أن الوطء نفسه هو العود. وقال الطحاوي: معنى العود عند أبي حنيفة أنه لا يستبيح وطأها إلا بكفارة يقدمها. وفي (التلويح) قال أبو حنيفة، رضي الله تعالى عنه: معنى العود أن الظهار يوجب تحريما لا يرفعه إلا الكفارة إلا أنه إن لم يطأها مدة طويلة حتى ماتت فلا كفارة عليه، سواء أراد في خلال ذلك وطأها أو لم يرد، فإن طلقها ثلاثا فلا كفارة عليه، فإن تزوجها بعد زوج آخر عاد عليه حكم الظهار ولا يطؤها حتى يكفر، وقال أبو حنيفة: الظهار قول كانوا يقولونه في الجاهلية فنهوا عنه. فكل من قاله فقد عاد لما قال. وقال ابن حزم: هذا لا يحفظ عن غيره، قال ابن عبد البر: قاله قبله غيره، وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف أنه لو وطئها ثم مات أحدهما لم يكن عليه كفارة، ولا كفارة بعد الجماع.
وقال لي إسماعيل: حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب عن ظهار العبد، فقال: نحو ظهار الحر. قال مالك: وصيام العبد شهران.
أي: قال البخاري قال لي إسماعيل: وهو ابن أبي أويس، كذا وقع في رواية الأكثرين بكلمة لي بعد قوله؛ قال: ووقع في رواية النسفي: قال إسماعيل، بدون لفظة لي، وهذا حكمه حكم الموصول، ويستعمل هذا فيما تحمله عن شيوخه بطريق المذاكرة. قوله: سأل ابن شهاب، وهو محمد بن مسلم الزهري، وقد مر الكلام فيه عن قريب.
وقال الحسن بن الحر: ظهار الحر والعبد من الحرة والأمة سواء.
الحسن بن الحر، بضم الحاء المهملة وتشديد الراء النخعي الكوفي ثم الدمشقي، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وليس له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع، وقال الكرماني: ويروي الحسن بن حي ضد الميت الهمداني الفقيه، مات سنة تسع وستين ومائة ونسبته لجد أبيه وهو الحسن بن صالح بن حي، واسم حي حيان فقيه ثقة عابد من طبقة الثوري: قلت: رواية الأكثرين: الحسن بن الحر، وفي رواية: أبي ذر عن المستملي: الحسن بن حي، ويروى: الحسن مجردا، ويحتمل أن يكون أحد الحسنين المذكورين، وقد أخرج الطحاوي في كتاب (اختلاف العلماء) عن الحسن بن حي هذا الأثر، ويروى عن إبراهيم النخعي مثله.