أحدا، وليس كذلك لأن العصيان عند ترك الإجابة لدلالة الحديث عليه. فإن قلت: قوله صلى الله عليه وسلم الوليمة حق، يقتضي العصيان عند ترك الدعوة. قلت: قد ذكرنا أن معنى: حق، غير باطل ولا خلاف أن الوليمة في العرس سنة مشروعة وليست بواجبة وما ورد فيه من الأمر فمحمول بن علي الاستحباب.
7715 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه كان يقول: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للترجمة ظاهرة. والأعرج عبد الرحمن بن هرمز، وقال الكرماني: الزهري يروي عن الرجلين كلاهما أعرج واسمهما عبد الرحمن: أحدهما: عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي. والثاني: عبد الرحمن بن سعد المخزومي، والظاهر أن هذا هو الأول لا الثاني. وفي رجال البخاري: أعرج آخر ثالث يروي عن أبي هريرة اسمه ثابت بن عياض القرشي، ويقال له: الأحنف. قلت: كأن الكرماني: يستغرب هذاحتى ذكره، ومثل هذا الذي تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم في الرواة كثير، فيحصل التمييز بينهم بالقرائن.
والحديث أخرجه مسلم في النكاح عن يحيى بن يحيى وغيره. وأخرجه أبو داود في الأطعمة عن القعنبي عن مالك به. وأخرجه النسائي في الوليمة عن قتيبة. وأخرجه ابن ماجة في النكاح عن علي بن محمد الطنافسي وهذا موقوف بن علي أبي هريرة، وقال أبو عمران: رجل رواة مالك لم يصرحوا برفعه، وقال فيه روح بن القاسم عن مالك بسنده. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وكذا أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن مالك، وقال ابن بطال: أول هذا الحديث موقوف وآخره يقتضي رفعه لأن مثله لا يكون رأيا.
قوله: (شر الطعام)، قال الكرماني: ما معنى قوله: شر مطلقا، وقد يكون بعض الأطعمة شرا منها، ثم أجاب بأن المراد شر أطعمة الولائم طعام وليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، وقال القاضي البيضاوي: أي من شر الطعام، كما يقال: شر الناس من أكل وحده، أي: من شرهم، وإنما سماه شرا لما ذكر عقيبه فكأنه قال: شر الطعام طعام الوليمة الت شأنها ذلك، وقال الطيبي: شيخ شيخي التعريف في الوليمة للعهد الخارجي إذ كان من عادتهم دعوة الأغنياء وترك الفقراء. قوله: (يدعي) إلى آخره استئناف بيان لكونها شر الطعام فلا يحتاج إلى تقدير: من لأن الرياء شرك خفي. قوله: (ومن ترك الدعوة)، حال والعامل يدعى يعني: يدعى الأغنياء. لها والحال أن الإجابة واجبة فيجيب المدعو ويأكل شر الطعام، ووقع في لفظ مسلم: بئس الطعام طعام الوليمة، وفي لفظ له مثل لفظ البخاري. قوله: (ويترك الفقراء)، وفي رواية الإسماعيلي من طريق معن بن عيسى بن مالك: المساكين، بدل: الفقراء. قوله: (ومن ترك الدعوة)، وفي لفظ مسلم: فمن لم يأت الدعوة، وفي لفظ: (ومن لم يجب الدعوة). قوله: (يدعي لها)، ويروي: يدعي إليها، والجملة حالية، وفي رواية ثابت الأعرج: يمنعها من يأتيها ويدعي إليها من يأباها، وفي رواية الطبراني من حديث ابن عباس: بئس الطعام طعام الوليمة يدعي إليه الشبعان ويحبس عنه الجيعان. قوله: (ومن ترك الدعوة) أي: إجابة الدعوة، وقد مضى الكلام فيه في الترجمة، ووقع في رواية لابن عمر: (من دعى إلى وليمة فلم يأتها فقد عصى الله ورسوله). فهذا دليل وجوب الإجابة لأن العصيان لا يطلق إلا بن علي ترك الواجب، وقال ابن بطال: لا خلاف بين الصحابة والتابعين في وجوب الإجابة إلى دعوة الوليمة إلا ما روي عن ابن مسعود أنه قال: (نهينا أن نجيب دعوة من يدعو الأغنياء ويترك الفقراء). وقد دعا ابن عمر في دعوته الأغنياء والفقراء، فجاءت قريش والمساكين معهم، فقال ابن عمر للمساكين: ههنا اجلسوا لا تفسدوا عليهم ثيابهم فإنا سنطعمكم مما يأكلون. وقال ابن حبيب: ومن فارق السنة في وليمة فلا دعوة له ولا معصية في ترك إجابته، وقد حدثني ابن المغيرة أنه سمع سفيان الثوري يقول: إنما تفسير إجابة الدعوة إذا دعاك من لا يفسد عليك دينك ولا قلبك، وقال الكرماني: فإن قلت: أوله أي: أول الحديث مرغب عن حضور الوليمة بل محرم وآخره مرغب فيه، بل موجب. قلت: الإجابة