عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٥٦
القسم فهي: الباء الموحدة نحو: بالله، والتاء المثناة من فوق نحو: تالله، والواو نحو: والله، والكل ورد في القرآن أما الباء فقوله تعالى: * (قالوا تقاسموا بالله) * (النمل: 94). و (أما التاء فقوله تعالى: * (تالله لقد آثرك الله علينا) * (يوسف: 19). وأما الواو فقوله * (والله ربنا ما كنا مشركين) * (الأنعام: 32).، وقد ذكرنا كيفية اليمين والخلاف فيه عن قريب في: باب يحلف المدعى عليه حيث ما وجبت عليه اليمين.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ورجل حلف بالله كاذبا بعد العصر ولا يحلف بغير الله هذا التعليق قطعة من حديث ذكره موصولا عن أبي هريرة في: باب اليمين بعد العصر، وذكره هنا بالمعنى، وغرضه من ذكره هنا هو قوله: (ورجل حلف بالله). قوله: (ولا يحلف بغير الله) ليس من الحديث، بل من كلام البخاري ذكره تكميلا للترجمة.
8762 حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن عمه أبي سهيل عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأله عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام رمضان قال هل علي غيره قال لا إلا أن تطوع قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة قال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق.
(انظر الحديث 64).
مطابقته للترجمة في قوله: (والله لا أزيد على هذا)، فهذا هو صورة الحلف بلفظ اسم الله، وبالباء الموحدة، والحديث بعين هذا الإسناد قد مضى في كتاب الإيمان في: باب الزكاة من الإسلام، وقد مر الكلام فيه مستوفى.
9762 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا جويرية قال ذكر نافع عن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (فليحلف بالله)، وجويرية تصغير: جارية ابن أسماء، على وزن حمراء، وهما من الأسماء المشتركة بين الذكور والإناث، وقد تكرر ذكره، وعبد الله هو ابن عمر بن الخطاب.
قوله: (من كان حالفا...) إلى آخره، أي: من أراد أن يحلف (فليحلف بالله) أو لا يحلف أصلا، وهو دال على المنع من الحلف بغير الله، ولا شك في انعقاد اليمين باسم الذات والصفات العلية، وأما اليمين بغير ذلك فهو ممنوع.
واختلفوا: هل هو منع تحريم أو تنزيه؟ والخلاف فيه موجود عند المالكية، فالأقسام ثلاثة: الأول: ما يباح اليمين به، وهو ما ذكرنا من اسم الذات والصفات. الثاني: ما يحرم اليمين به بالإنفاق كالأنصاب والأزلام واللات والعزى، فإن قصد تعظيمها فهو كفر، كذا قال بعض المالكية معلقا للقول فيه، حيث يقول: فإن قصد تعظيمها يكفر، وإلا فحرام، والقسم بالشيء تعظيم له. والثالث: ما يختلف فيه بالتحريم، والكراهة، وهو مما عدا ذلك مما لا يقتضي تعظيمه، وقال ابن بطال: وأجمعوا أنه لا ينبغي للحاكم أن يستحلف إلا بالله لا بالعتاق أو الحج أو المصحف وإن اتهمه القاضي غلظ عليه اليمين بزيادة من صفات الله عز وجل، وقد مر الكلام فيه في: باب كيف يستحلف.
72 ((باب من أقام البينة بعد اليمين)) أي: هذا باب في بيان حكم من أقام البينة بعد يمين المدعى عليه، وجواب: من، محذوف، تقديره: هل تقبل البينة أم لا؟ وإنما لم يصرح به لمكان الخلاف فيه على عادته التي جرت هكذا، فالجمهور على أنها تقبل، وإليه ذهب الثوري والكوفيون والشافعي والليث وأحمد وإسحاق، وقال مالك في (المدونة): إن استحلفه وهو لا يعلم بالبينة، ثم علمها قضى له بها، وإن استحلفه ورضي بيمينه تاركا لبينته، وهي حاضرة أو غائبة، فلا حق له إذا شهدت له، قاله مطرف وابن الماجشون، وقال ابن أبي ليلى: لا تقبل بينته بعد استحلاف المدعى عليه. وبه قال أبو عبيد وأهل الظاهر.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»