قوله: (وعن طاووس) عطف على قوله: عطاء، لأن ابن جريرج سمع منهما. قوله: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم) أي: مكة. قوله: (صبح رابعة) أي: في صبيحة ليلة رابعة، قال الداودي: اختلف فيه، وكان خروجه من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة. قوله: (مهلين) أي: محرمين، وانتصابه على الحال، وإنما جمع باعتبار أن قدوم النبي، صلى الله عليه وسلم، مستلزم لقدوم أصحابه معه، ويروى: محرمون، على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم محرمون. قوله: (لا يخلطهم شيء) أي: من العمرة، ويروى: لا يخلطه، ففي الأول الضمير يرجع إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الذين معه، وفي الثاني: يرجع إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وحده، وقال صاحب (التوضيح): وفيه: دلالة واضحة على الإفراد. قلت: لا يدل على ذلك، لأن معنى: لا يخلطه شيء، يعني وقت الإحرام، وكذلك معنى قول عائشة، رضي الله تعالى عنها، وأهل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالحج مفردا أنه لم يعتمر في وقت إحرامه بالحج، لكنه اعتمر بعد ذلك. قوله: (فلما قدمنا) أي: مكة، شرفها الله تعالى. قوله: (أمرنا)، أي: أمرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قوله: (فجعلناها عمرة)، أي: فجعلنا تلك الفعلة من الحج عمرة، أي: صرنا متمتعين. قوله: (ففشت) أي: فشاعت وانتشرت، من الفشو: بالفاء والشين المعجمة. قوله: (في ذلك)، أي: في فعلهم العمرة بعد الحج. قوله: (القالة)، بالقاف واللام ويروى: المقالة بالميم قبل القاف، وكلاهما بمعنى واحد، وأراد به مقالة الناس، وذلك لما كان في اعتقادهم أن العمرة لا تصح في أشهر الحج، وكانوا يرون العمرة فيها فجورا. قوله: (قال عطاء)، هو الراوي عن جابر، وهو عطاء بن أبي رباح. قوله: (وذكره يقطر منيا) هذا كناية عن قرب العهد بالوطء، والواو فيه للحال. قوله: (قال جابر: يكفه) أراد أنه أشار به إلى التقطر، أي: قال جابر: قوله: (ذلك) والحال أنه يكفه من كف يكف أي: منع، ويروى: بكفه، بالباء الموحدة المكسورة، دخلت على الكف الذي هو العضو المعروف. قوله: (فبلغ ذلك) أي: ما صدر منهم من القول. قوله: (خطيبا)، نصب على الحال. قوله: (لأنا) اللام فيه مفتوحة وهي لام التوكيد دخلت على المبتدأ وخبره هو قوله: (أبر)، وهو أفعل التفضيل من البر وهو الخير والإحسان (واتقى) كذلك أفعل التفضيل من التقوى. قوله: (ولو أني استقبلت من أمري) أي: لو عرفت في أول الحال ما عرفت آخرا من جواز العمرة في أشهر الحج (لما أهديت) أي: لكنت متمتعا إرادة لمخالفة أهل الجاهلية، ولولا أني معي الهدي لأحللت من الإحرام، ولكن امتنع الإحلال لصاحب الهدي وهو المفرد أو القارن حتى يبلغ الهدي محله، وذلك في أيام النحر لا قبلها، وقد احتج به من يقول: إنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا وأنه أفضل، وهذا الاحتجاج غير صحيح لأن الهدي لا يمنع المفرد من الإحلال والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتحلل، فدل على أنه كان متمتعا وفي (الاستذكار): لا يصح عندنا أن يكون متمتعا إلا تمتع قران، لأنه لا خلاف بين العلماء أنه صلى الله عليه وسلم لم يحل من عمرته، وأقام محرما من أجل هديه إلى النحر، وهذا حكم القارن لا المتمتع. قوله: (فقام سراقة)، بضم السين المهملة وتخفيف الراء والقاف: ابن مالك بن جعشم، بضم الجيم والشين المعجمة وسكون العين المهملة بينهما وفي آخره ميم: المدلجي من مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة، يكنى أبا سفيان من مشاهير الصحابة، كان ينزل قديدا وقيل: إنه سكن مكة. قوله: (هي)، أي: العمرة في أشهر الحج أو المتعة. قوله: (لا بل للأبد) أي: ليس الأمر كما تقول، بل هي إلى يوم القيامة ما دام الإسلام. قوله: (وجاء علي بن أبي طالب)، أي: من اليمن، قال ابن بطال في (المغازي) للبخاري: عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث عليا إلى اليمن قبل حجة الوداع ليقبض الخمس، فقدم من سعايته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بما أهللت يا علي؟) قال: بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: (فاهد وامكث حراما كما كنت)، قال: فأهدى له علي هديا، قال: فهذا تفسير قوله: (وأشركه في الهدي) أن الهدي الذي أهداه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم وجعل له ثوابه فيحتمل أن يفرده بثواب ذلك الهدي، كله فهو شريك له في هديه لأنه أهداه عنه تطوعا من ماله، ويحتمل أن يشركه في ثواب هدي واحد يكون بينهما، كما ضحى صلى الله عليه وسلم عنه وعن أهل بيته بكبش، وعمن لم يضح من أمته وأشركهم في ثوابه، ويجوز الاشتراك في هدي التطوع. وقال القاضي: عندي أنه لم يكن شريكا حقيقة بل أعطاه نذرا يذبحه، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم نحر البدن التي جاءت معه من المدينة وأعطى عليا من البدن التي جاء بها من اليمن. قوله: (فقال أحدهما)، أي: أحد الراويين من عطاء وطاووس وقال بلفظ: أحدهما، لأن الراوي لم يكن عالما بالتعيين، لكن روى عطاء عن جابر في: باب تقضي الحائض المناسك، أنه قال: أهللت بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (فامر النبي صلى الله عليه وسلم) أي أمر عليا رضي الله عنه أن يقيم أي يثبت على إحرامه قوله (وأشركه) أي: أشرك النبي صلى الله عليه وسلم عليا في الهدي، وقد ذكرنا وجهه الآن.
61 ((باب من عدل عشرا من الغنم بجزور في القسم)) أي: هذا باب يذكر فيه من عدل من الغنم بجزور، بفتح الجيم وضم الزاي، أي: بعير، في القسم، بفتح القاف قيد به احترازا عن الأضحية فإن فيها يعدل سبعة بجزور نظرا إلى الغالب، وأما يوم القسم فكان النظر فيه إلى القيمة الحاضرة في ذلك الزمان وذلك المكان.