شيبة وإسماعيل بن سالم، كلاهما عن إسماعيل بن علية به وعن أبي كريب وابن أبي عمر كلاهما عن وكيع وعن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن الثوري به وعن شيبان بن فروخ. وأخرجه أبو داود فيه عن النفلي، وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن منيع. وأخرجه النسائي فيه وفي الشروط عن قتيبة. وأخرجه ابن ماجة في التجارات عن هشام ابن عمار، أربعتهم عن سفيان بن عيينة.
ذكر معناه: قوله: (والناس يسلفون)، الواو فيه للحال، و: يسلفون، بضم الياء من أسلف. قوله: (العام)، بالنصب على الظرفية. قوله: (شك إسماعيل)، وهو إسماعيل بن علية ولم يشك سفيان، فقال: وهم يسلفون في التمر السنتين والثلاث، ويأتي في الباب الذي يليه، وقال بعضهم: وقوله: السنتين، منصوب إما على نزع الخافض أو على المصدر. قلت: هذا غلط لا يخفى، ومن مس شيئا ما من العربية لا يقول هذا، ولكن لو بين وجهه لكان له وجه، وهو أن يقال: التقدير في وجه نزع الخافض إلى السنة والتقدير في، وجه النصب على المصدر أن يقال: إسلاف السنة، فالإسلاف مصدر منصوب، فلما حذف قام المضاف إليه مقامه. فافهم. قوله: (من سلف في تمر)، بتشديد اللام في رواية ابن علية وفي رواية ابن عيينة: من أسلف في شيء وهذه أشمل. قوله: (في تمر)، بالتاء المثناة من فوق، ويروى: بالثاء المثلثة. قوله: (ووزن)، الواو بمعنى: أو، أي: أو في وزن معلوم، والمراد اعتبار الكيل فيما يكال واعتبار الوزن فيما يوزن.
ذكر ما يستفاد منه فيه: اشتراط تعيين الكيل فيما يسلم فيه من المكيلات، واشتراط الوزن فيما يوزن من الموزونات لاختلاف المكاييل والموزونات، إلا أن يكون في بلد ليس فيه إلا كيل واحد ووزن واحد فإنه ينصرف إليه عند الإطلاق، ولا خلاف في اشتراط تعيين الكيل فيما يسلم فيه من المكيل، كصاع الحجاز وقفيز العراق وإردب مصر، بل مكاييل هذه البلاد في أنفسها مختلفة، فلا بد من التعين. وعن هذا قال ابن حزم: لا يجوز السلم إلا في مكيل أو موزون فقط، ولا يجوز في مذروع ولا في معدود ولا شيء غير ما ذكر في النص، وكأنه قصر السلم على ما ذكر في الحديث، وليس كذلك بل السلم يجوز فيما لا يكال ولا يوزون، ولكن لا بد فيه من صفة الشيء المسلم فيه ويدخل في قوله: كيل معلوم ووزن معلوم، إذ العلم بهما يستلزمه.
والأصل فيه عندنا: أن كل شيء يمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه، كمكيل وموزن ومذروع ومعدود متقارب: كالجوز والبيض، وعند زفر: لا يجوز في المعدود عند تفاوت آحاده، وقال الشافعي: لا يصح إلا وزنا وفي (الروضة): ويجوز السلم في الجوز واللوز وزنا إذا لم تختلف قشوره غالبا، ويجوز كيلا على الأصح، وكذا الفستق والبندق، وأما البطيخ والقثاء والبقول والسفرجل والرمان والباذنجان والنارنج والبيض فالمعتبر فيها الوزن. انتهى. وبه قال أحمد. وفي (حاوي) الحنابلة، ولا يسلم في معدود مختلف من حيوان وغيره، وعنه: يصح وزنا في غير الحيوان كالفلوس إن جاز السلم فيها، وعنه عددا، وقيل: في المتقارب كجوز وبيض عددا، وفي المتفاوت كفاكهة وبقل وزنا. انتهى.
ومذهب مالك ما ذكره في (الجواهر)؛ ويكفي العدد في المعدودات ولا يفتقر إلى الوزن إلا أن يتفاوت آحاده تفاوتا يقتضي اختلاف أثمانها، فلا يكفي فيها حينئذ مجرد العدد والمعدود كالبيض والباذنجان والرمان، وكذا الجوز واللوز إن جرت عادة بيعه بالعدد، وكذا اللبن وكذا البطيخ إذا كان متفاوتا غير بين التفاوت، وكذلك جميع ما يشبه ما ذكرنا. انتهى. وأما الفلوس فيجوز السلم فيها عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز، وبه قال مالك وأحمد في رواية، وعن أحمد: يجوز وزنا، وعنه عددا وعن الشافعي قولان في سلم الفلوس. وأما السلم في الدراهم والدنانير فإن أسلم فيهما قيل: يكون باطلا، وقيل: ينعقد بيعا بثمن مؤجل، معناه إذا أسلم في الدراهم ثوبا مثلا، والأول أصح. وعند الشافعي القول الثاني هو الأصح. وقال النووي: اتفق أصحابنا على أنه لا يجوز إسلام الدراهم في الدنانير ولا عكسه سلما مؤجلا. وفي الحال وجهان: الأصح المنصوص في (الأم) أنه لا يصح، والثاني: يصح بشرط قبضها في المجلس.
حدثنا محمد قال أخبرنا إسماعيل عن ابن نجيح بهاذا في كيل معلوم ووزن معلوم اختلف في محمد هذا من هو؟ قال أبو علي الجياني: لم ينسب محمدا هذا أحد من الرواة، قال: والذي عندي في هذا أنه