ابن عبد الملك الطيالسي عن شعبة عن عدي عن أبي حازم، بالحاء المهملة والزاي: واسمه سلمان الأشجعي. وأخرجه مسلم أيضا في الفرائض عن عبيد الله بن معاذ وعن أبي بكر بن نافع وعن زهير بن حرب. وأخرجه أبو داود في الخراج عن حفص بن عمر، كلهم عن شعبة، وفيه من جملة الألفاظ: من ترك دينا فعلي، قال ابن بطال: هذا ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين. قلت: وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي عليه قبل فتح الفتوحات، فلما فتح الله منها ما فتح صار صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فصار فعله هذا ناسخا لفعله الأول، كما قاله ابن بطال. وأشار البخاري بهذه الترجمة إلى ذلك، فحصلت المطابقة بين الترجمة وحديث الباب من هذه الحيثية.
قوله: (كلا) بفتح الكاف وتشديد اللام، قال ابن الأثير: الكل الثقل من كل ما يتكلف. والكل العيال. قلت: الذين من كل ما يتكلف. قوله: (إلينا)، معناه يرجع أمر الكل إلينا، فإن كان على الميت دين فعليه وفاؤه كما نص عليه. بقوله: (من ترك دينا فعلي) وإن لم يكن عليه دين وترك شيئا فلورثته، إن كانوا، وإلا فالأمر إليه صلى الله عليه وسلم، وكذلك إذا ترك عيالا ولم يترك شيئا، لأن أمور المسلمين كلها يرجع إليه في كل حال.
9932 حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عبد الرحمان بن أبي عمرة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة اقرؤوا إن شئتم * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (لأحزاب: 6) فأيما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه..
مطابقته للترجمة من الحيثية المذكورة في الحديث السابق، ورجاله ق ذكروا على نسق واحد في: باب كراء الأرض بالذهب والفضة: حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو عامر حدثنا فليح عن هلال بن علي، لكن فيه عن هلال بن عطاء بن يسار، وهنا عن هلال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، وعبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي وأبو عامر عبد الملك بن عمرو، وفليح ابن سليمان، والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن إبراهيم بن المنذر... إلى آخره.
ذكر معناه: قوله: (ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة) يعني: أحق وأولى بالمؤمنين في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة من أنفسهم، ولهذا أطلق ولم يعين، فيجب عليهم امتثال أوامره والاجتناب عن نواهيه. قوله: (اقرؤوا إن شئتم: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (الأحزاب: 6)) في معرض الاحتجاج لما قاله تنبيها لهم على أن هذا الذي قاله وحي غير متلو، طابقة وحي متلو، وتكلم المفسرون في قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (الأحزاب: 6). وروي عن ابن عباس وعطاء يعني: إذا دعاهم النبي إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، أولى بهم من طاعة أنفسهم، وعن مقاتل: يعني طاعة النبي صلى الله عليه وسلم أولى من طاعة بعضكم لبعض، وقيل: إنه أولى بهم في إمضاء الأحكام وإقامة الحدود عليهم لما فيه من مصلحة الخلق والبعد عن الفساد، وقيل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم، وأنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم. وقيل: لأن أنفسهم تحرسهم من نار الدنيا والنبي صلى الله عليه وسلم يحرسهم من نار العقبى. وقال ابن التين: عن الداودي قوله: (اقرؤا إن شئتم): أحسبه من كلام أبي هريرة، وليس كما ظن، فقد روى جابر، رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قوله: (فليرثه عصبته)، العصبة عند أهل الفرائض اسم لمن يرث جميع المال إذا انفرد، والفاضل بعد فرض ذوي السهام. وقيل: العصبة قرابة الرجل لأبيه، سموا بذلك من قولهم: عصب القوم بفلان أي: أحاطوا به، وهم كل من يلتقي مع الميت في أب أو جد، ويكونون معلومين. وأما المرأة فلا تسمى عصبة على الإطلاق، قال أبو المعاني: الواحد عاصب، قياس غير مسموع، وكذا قاله الأزهري. قوله: (من كانوا) كلمة: من، موصولة، وإنما ذكرها ليتناول أنواع العصبة، فإن العصبة له أنواع ثلاثة، لأنه: إن لم يتوقف على وجود غيره فهو عصبة بنفسه، وإن توقف فإن كان توقفه على وجود ذكر أو أنثى، فالأول عصبة بغيره. والثاني: عصبة مع غيره، على ما عرف في موضعه. فإن قلت: من أين العموم؟ قلت: العموم من كلمة: من، لأن ألفاظ الموصولات عامات. وقال الكرماني: ويحتمل أن تكون: من، شرطية، ولم يبين وجه ذلك. قوله: (أو ضياعا)، بفتح الضاد المعجمة