من رمضان، وروى أحمد من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن الصنابحي عن بلال مرفوعا: التمسوا ليلة القدر ليلة أربع وعشرين). قال: أخطأ ابن لهيعة في رفعه، فقد رواه عمرو بن الحارث عن يزيد بهذا الإسناد موقوفا بغير لفظه.
4 ((باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس)) أي: هذا باب في بيان رفع معرفة ليلة القدر وإنما قيد بالمعرفة لئلا يظن أنها رفعت بالكلية وإنما رفعت معرفتها أي معرفة تعيينها. قوله: (لتلاحي الناس) أي لأجل مخاصمتهم والتلاحي والملاحات المخاصمة والمعاولة يقال لحيت الرجل الحاه لحيا إذا لمته وعذلته ولاحيته ملاحاة ولحاء إذا نازعته.
3202 حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا حميد قال حدثنا أنس عن عبادة بن الصامت قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة. (انظر الحديث 94 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة، ورجاله قد ذكروا، وخالد بن الحارث الهجيمي مر في الجمعة.
والحديث مضى في كتاب الإيمان في: باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله، وهو لا يشعر، فإنه أخرجه هناك: عن قتيبة عن إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس عن عبادة بن الصامت، وقد مر الكلام فيه هناك. قوله: (أنس بن عبادة بن الصامت) وهناك: أنس أخبرني عبادة بن الصامت، كذا رواه أكثر أصحاب حميد عن أنس عن عبادة، ورواه مالك فقال: عن حميد عن أنس، قال: خرج علينا، ولم يقل: عن عبادة، فجعل الحديث من مسند أنس، وقال أبو عمر والصواب إثبات عبادة، وأن الحديث من مسنده.
قوله: (فتلاحى رجلان)، وفي رواية أبي نضرة عن أبي سعيد عند مسلم: (فجاء رجلان يختصمان معهما الشيطان). قوله: (فلان وفلان)، قيل: هما عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك. قوله: (فرفعت)، أي: من قلبي، فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين، وقيل: المعنى رفعت بركتها في تلك السنة، وقيل: التاء في: رفعت، للملائكة، لا: لليلة.
وقال الطيبي: قال بعضهم: رفعت، أي معرفتها، والحامل له على ذلك أن رفعها مسبوق بوقوعها، فإذا وقعت لم يكن لرفعها معنى. قال: ويمكن أن يقال: المراد برفعها أنها شرعت أن تقع، فلما تخاصما رفعت، فنزل الشروع منزلة الوقوع. انتهى. قلت: هذا القول الذي نقله الطيبي هو موافق للترجمة على ما لا يخفى. فإن قلت: هذا الحديث يدل على أن سبب الرفع هو ملاحاة الرجلين، وقد روى مسلم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (أريت ليلة القدر ثم أيقظني أهلي فنسيتها)، وهذا يدل على أن سبب الرفع هو النسيان. قلت: يمكن أن يحمل على التعدد، بأن تكون الرؤيا في حديث أبي هريرة مناما فيكون سبب النسيان الإيقاظ، وأن تكون الرؤيا في حديث غيره في اليقظة، فيكون سبب النسيان ما ذكر من المخاصمة، ويمكن أن يحمل على اتحاد القضية، ويكون النسيان وقع مرتين عن سببين فإن قلت: لما تقرر أن الذي ارتفع علم تعيينها في تلك السنة، فهل أعلم النبي، صلى الله عليه وسلم، بعد ذلك بتعيينها؟ قلت: روي عن ابن عيينة أنه أعلم بعد ذلك بتعيينها. فإن قلت: روى محمد بن نصر من طريق واهب المعافري أنه سأل زينب بنت أم سلمة: هل كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يعلم ليلة القدر؟ فقالت: لا، لو علمها لما قام الناس في غيرها. قلت: الذي قالته زينب إنما قالته احتمالا، وهذا لا ينافي علمه بذلك.
قوله: (وعسى أن يكون خيرا لكم)، يريد أن البحث عنها والطلب لها بكثير من العمل هو خير، من هذه الجهة، قاله ابن بطال، وقال ابن التين: لعله يريد أنه لو أخبرهم بعينها لأقلوا من العمل في غيرها وأكثروه فيها، وإذا غيبت عنهم أكثروا العمل في سائر الليالي رجاء موافقتها. قوله: (فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة)، يحتمل أن يريد بالتاسعة: تاسع ليلة من العشر الأخير، فتكون ليلة تسع وعشرين، ويحتمل أن يريد بها: تاسع ليلة تبقى من الشهر، فيكون ليله إحدى أو ثنتين، بحسب تمام الشهر ونقصانه.