عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٤
وعبد الرحمن.
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل عن أبي إسحاق به، وأخرجه النسائي فيه عن هلال بن العلاء.
ذكر معناه: قوله: (حج عبد الله)، وفي رواية النسائي عن هلال بن العلاء بن هلال، قال: حدثنا حسين هو ابن عياش، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، قال: حج عبد الله فأمرني علقمة أن ألزمه فلزمته، فأتينا المزدلفة، فلما كان حين طلع الفجر، قال: قم. قال: يا أبا عبد الرحمن، إن هذه الساعة ما رأيتك صليت فيها قط؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زهير: ولم يكن في كتاب الله كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم. قال عبد الله: هما صلاتان تؤخران عن وقتهما: صلاة المغرب بعدما تأتي الناس المزدلفة، وصلاة الغداء حين يبزغ الفجر. قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. قوله: (بالعتمة) أي: وقت العشاء الآخرة. قوله: (أو قريبا من ذلك) أي: من مغيب الشفق. قوله: (فأمر رجلا) لم يدر اسمه. قيل: يحتمل أن يكون هو عبد الرحمن بن يزيد. قوله: (ثم دعا بعشائه)، بفتح العين: هو ما يتعشى به من المأكول. قوله: (أرى)، أي: أظن أنه أمر بالتأذين والإقامة، وهذا هو المراد من الشك. قوله: (قال عمرو) هو عمرو بن خالد شيخ البخاري، وهذا يبين أن الشك من زهير المذكور في السند، وأخرجه الإسماعيلي من طريق الحسن بن موسى عن زهير مثل ما رواه عمرو عنه، ولم يقل ما قال عمرو. وأخرجه البيهقي من طريق عبد الرحمن بن عمرو عن زهير، وقال فيه: ثم أمر، قال زهير: أرى فأذن وأقام. قوله: (فلما طلع الفجر) وفي رواية المستملي والكشميهني: (فلما حين طلع الفجر)، وفي رواية الحسين بن عياش عن زهير: (فلما كان حين طلع الفجر)، والتقدير في هذه الرواية: فلما كان حين طلوع الفجر. وقال الكرماني: وجزاؤه محذوف، وهي: صلاة الفجر، أو المذكور: جزاء على سبيل الكناية لأن هذا القول رديف فعل الصلاة. قوله: (قال عبد الله) هو ابن مسعود، رضي الله تعالى عنه. قوله: (تحولان) أما تحويل المغرب هو تأخيره إلى وقت العشاء الآخرة، وأما تحويل الصبح فهو أنه قدم على الوقت الظاهر طلوعه لكل أحد كما هو العادة في أداء الصلاة إلى غير المعتاد، وهو حال عدم ظهوره للكل، فمن قائل: طلع الصبح، ومن قائل: لم يطلع، وقد تحقق الطلوع لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، إما بالوحي أو بغيره، والمراد أنه كان في سائر الأيام يصلي بعد الطلوع، وفي ذلك اليوم صلى حال الطلوع. قال الكرماني: والغرض أنه بالغ في ذل اليوم في التبكير، يعني: الاستحباب في التبكير في ذلك اليوم آكد من غيره لإرادة الاشتغال بالمناسك. قلت: حاصل الكلام أنه ليس معناه أنه أوقع صلاة الفجر قبل طلوعه، وإنما المراد أنه صلاها قبل الوقت المعتاد، فعلها فيه في الحضر. قوله: (عن وقتهما)، كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية السرخسي، رحمه الله تعالى، عنه: عن وقتها بالإفراد. قوله: (حين بزغ)، بزاي وغين معجمة، وروى (حين يبزغ)، بضم الزاي من باب: نصر ينصر.
ذكر ما يستفاد منه فيه: مشروعية الأذان والإقامة لكل من الصلاتين إذا جمع بينهما، وقال ابن حزم: لم نجده مرويا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت عنه لقلت به، وقد وجد عن عمر من فعله. قلت: أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح عنه، وقال: حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن الأسود أنه صلى مع عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، صلاتين مرتين يجمع كل صلاة بأذان وإقامة والعشاء بينهما، ثم قال الطحاوي: ما كان من فعل عمر وتأذينه للثانية لكون أن الناس تفرقوا لعشائهم، فأذن ليجمعهم، وكذلك نقول نحن إذا تفرق الناس عن الإمام لأجل عشاء أو لغيره، قال: وكذلك معنى ما روي عن عبد الله بن مسعود، وقال بعضهم: ولا يخفى تكلفه، ولو تأتى له ذلك في حق عمر، رضي الله تعالى عنه، لكونه كان الإمام لم يتأت له في حق ابن مسعود، قلت دعوى التكلف في ذلك هو عين التكليف لأن قوله قوله لم يتأت قوله له في حق ابن مسعود غير مرضي من وجهين: أحدهما: أن الظاهر أنه كان إماما لأنه أمر رجلا، فأذن وأقام، فظاهره يدل على أنه كان إماما. والثاني: أنا وإن سلمنا أنه لم يكن إماما، فما المانع أن يكون فعل ما فعله اقتداء بعمر، رضي الله تعالى عنه؟ وقد أخذ مالك بظاهر الحديث المذكور، وروى ابن عبد البر
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»