الترك قلت: قوله: (لا تبادروني فإني قد بدنت) يدل على أن ذلك كان لعلة، ولأن هذه الجلسة للاستراحة والصلاة غير موضوعة لتلك، وقال بعضهم: إن مالك بن الحويرث هو راوي حديث: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فحكاياته لصفات صلاة النبي صلى الله عليه وسلم داخلة تحت هذا الأمر. قلت: هذا لا ينافي وجود العلة لأجل هذه الجلسة، وبقولنا قال مالك وأحمد. وفي (التمهيد): اختلف الفقهاء في النهوض عن السجود إلى القيام، فقال مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه: ينهض على صدور قدميه ولا يجلس، وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس، وقال النعمان ابن أبي عياش: أدركت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. وقال أبو الزناد: ذلك السنة، وبه قال أحمد ابن راهويه. وقال أحمد: وأكثر الأحاديث على هذا. قال الأثرم: رأيت أحمد ينهض بعد السجود على صدور قدميه ولا يجلس قبل أن ينهض. وروى الترمذي عن أبي هريرة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهض في الصلاة على رؤوس قدميه)، ثم قال: والعمل عليه عند أهل العلم. وأخرج ابن أبي شيبة في (مصنفه): عن عبد الله بن مسعود أنه كان ينهض في الصلاة على صدور قدميه ولم يجلس. وأخرج نحوه عن علي وابن عمر وابن الزبير وابن عباس ونحو ذلك. وأخرج أيضا عن عمر، رضي الله تعالى عنه.
143 ((باب كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة)) أي: هذا باب ترجمته: كيف يعتمد المصلي على الأرض إذا قام من الركعة، أي: ركعة كانت، وفي رواية المستملي والكشميهني: من الركعتين. أي: الركعة الأولى والركعة الثانية.
824 حدثنا معلى بن أسد قال حدثنا وهيب عن أيوب عن أبي قلابة قال جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا فقال إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي. قال أيوب فقلت لأبي قلابة وكيف كانت صلاته قال مثل صلاة شيخنا هذا يعني عمرو بن سلمة قال أيوب وكان ذلك الشيخ يتم التكبير وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام.
مطابقته للترجمة في قوله: (واعتمد على الأرض) ثم قال الكرماني: الترجمة لبيان كيفية الاعتماد لا لبيان نفس الاعتماد، فما وجه موافقة الحديث لها؟ قلت: فيه بيان الكيفية بأن يجلس أولا ثم يعتمد ثم يقوم. قال الفقهاء: يعتمد كما يعتمد العاجن للخمير. وقيل: المراد من الاعتماد أن يكون باليد، يدل عليه ما رواه عبد الرزاق عن ابن عمر: أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا على يديه قبل أن يرفعهما.
ورواة الحديث قد ذكروا غير مرة، ووهيب مصغرا: ابن خالد، وأيوب السختياني، وأبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، وقد مر هذا الحديث في الباب الذي قبله، وفي الذي قبل قبله، وفيما مضى أيضا، وقد ذكرنا جميع ما يتعلق به. قوله: (لكني) ويروى: (لكن)، بدون نون الوقاية. قوله: (يتم التكبير) أي: كان يكبر عند كل انتقال غير الاعتدال لا ينقص من التكبيرات شيئا عند الانتقالات، أو كان يمده من أول الانتقال إلى آخره. قوله: (فإذا رفع)، ويروى: (وإذا رفع) بالواو. قوله: (من السجدة) كذا هو بكلمة: من رواية أبي ذر، وهي رواية الإسماعيلي أيضا، وفي رواية المستملي والكشميهني: (في السجدة)، وفي رواية غيرهم (عن السجدة) بكلمة: عن.
144 ((باب يكبر وهو ينهض من السجدتين)) أي: هذا باب ترجمته: يكبر المصلي في حالة نهوضه من السجدتين، وأشار بهذا إلى أن التكبير عند القيام إلى الركعة الثالثة من التشهد الأول وقت النهوض من السجدتين، وعند بعضهم: وقت الاستواء، ونقل ذلك عن مالك، والكلام في الأولوية. فافهم.