الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ٢٩٦
تاريخ ابن كثير 8 ص 107.
قال الأميني: هل خفي على الخليفة أن ظاهر الكتاب لا يغني الأمة عن السنة، وهي لا تفارقه حتى يردا على النبي الحوض، وحاجة الأمة إلى السنة لا تقصر عن حاجتها إلى ظاهر الكتاب؟ والكتاب كما قال الأوزاعي ومكحول: أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب (جامع بيان العلم 2 ص 191).
أو رأى هناك أناسا لعبوا بها بوضع أحاديث على النبي الأقدس - وحقا رأى - فهم قطع جراثيم التقول عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وتقصير تلكم الأيدي الأثيمة عن السنة الشريفة؟
فإن كان هذا أو ذاك فما ذنب مثل أبي ذر المنوه بصدقه بقول النبي الأعظم: ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء على رجل أصدق لهجة من أبي ذر (1) أو مثل عبد الله بن مسعود صاحب سر رسول الله، وأفضل من قرء القرآن، وأحل حلاله، وحرم حرامه، الفقيه في الدين، العالم بالسنة (2) أو مثل أبي الدرداء عويمر كبير الصحابة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3) فلماذا حبسهم حتى أصيب؟ ولماذا هتك أولئك العظماء في الملأ الديني وصغرهم في أعين الناس؟ وهل كان أبو هريرة وأبو موسى الأشعري من أولئك الوضاعين حتى استحقا بذلك التعزير والنهر والحبس والوعيد؟ أنا لا أدري.
نعم: هذه الآراء كلها أحداث السياسية الوقتية سدت على الأمة أبواب العلم، وأوقعتها في هوة الجهل ومعترك الأهواء وإن لم يقصد ها الخليفة، لكنه تترس بها يوم ذاك، وكافح عن نفسه قحم المعضلات، ونجابها عن عويصات المسائل. م - وبعد نهي الأمة المسلمة عن علم القرآن، وإبعادها عما في كتابها من المعاني الفخمة والدروس العالية من ناحية العلم والأدب والدين والاجتماع والسياسة والأخلاق والتاريخ، وسد باب التعلم والأخذ بالأحكام والطقوس ما لم يتحقق ويقع موضوعها، والتجافي عن التهيؤ للعمل بدين الله قبل وقوع الواقعة، ومنعها عن معالم السنة الشريفة والحجز عن نشرها في الملأ، فبأي علم ناجع، وبأي حكم وحكم تترفع وتتقدم

(1) مستدرك الحاكم 3 ص 342، 344، ويأتي تفصيل هذا الحديث ومصادره.
(2) مستدرك الحاكم 3 ص 312، 315 (3) مستدرك الحاكم 3 ص 337.
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»