عدم سهو النبي (ص) - الشيخ المفيد - الصفحة ١٩
أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ، لأن الصلاة عليه فريضة، كما أن التبليغ عليه فريضة ".
فرد هذا القول، بأن قال: " لا يلزمنا ذلك من قبل أن جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي ما يقع على غيره منها، وهو متعبد بالصلاة كغيره من أمته، وليس من سواه بنبي، والحالة التي اختص بها هي النبوة، والتبليغ من شرائطها، فلا يجوز أن يقع عليه [في التبليغ] سهو، والصلاة عبادة مشتركة، وبهذا تثبت له العبودية على زعمه، وبإثبات النوم عن خدمة ربه عز اسمه من غير إرادة له وقصد إليه، نفي الربوبية عنه بأن الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله الحي القيوم.
وقال: سهو النبي ليس كسهونا، لأن سهوه من الله، وإنما أسهاه ليعلم أنه مخلوق بشر، لا يتخذ ربا معبودا من دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا.
قال: وسهونا هو من الشيطان، وليس للشيطان على النبي والأئمة سلطان في ﴿إنما سلطانه على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون﴾ (1) وعلى من تبعه من الغاوين.
قال: والدافعون لسهو النبي، دعواهم أنه لم يك من الصحابة من يقال له: " ذو اليدين ". دعوى باطلة، لأن الرجل معروف، وهو أبو محمد، عمير بن عبد عمرو، المعروف بذي اليدين (2)، فقد نقل عنه المخالف والمؤالف.

(١) النحل: ١٠٠.
(٢) ترجم له ابن سعد في طبقاته ٣: ١٦٧ و ٥٣٤، وابن هشام في السيرة النبوية ٢: ٣٣٧ و ٣٦٤، وابن حجر في الإصابة ١: ٤٢٢ و 3: 33، وقد طعن وناقش في هذا الحديث وراويه جمع من جمهور أهل السنة أيضا، منهم: السهيلي في الروض الأنف في شرح السيرة النبوية 5: 298.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»