ما تبعتك إلا ببصيرة، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم خيبر: يا عمار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبع عليا وحزبه فإنه مع الحق والحق معه، وستقاتل الناكثين والقاسطين، فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء، فلقد أديت وأبلغت ونصحت.
ثم ركب وركب أمير المؤمنين عليه السلام، ثم برز إلى القتال، ثم دعا بشربة من ماء فقيل له: ما معنا ماء. فقام إليه رجل من الأنصار فأسقاه شربة من لبن، فشربه ثم قال: هكذا عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من اللبن. ثم حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفسا (1)، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحمه الله (2). فلما كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليه السلام في القتلى فوجد عمار ملقى بين (3) القتلى، فجعل رأسه على فخذه ثم بكى عليه السلام وأنشأ يقول:
يا موت (4) كم هذا التفرق عنوة * فلست تبقي للخليل (4) خليل (5)