الشركة لغة وعرفا الا انه لا مدخل له في الحكم الشرعي المترتب على الشركة من كونها من جملة العقود المفتقرة إلى الايجاب والقبول والحكم عليها بالصحة والبطلان فان هذا الاجتماع يحصل بعقد وغيره بل بغيره أكثر حتى لو تعدى أحدهما ومزج ماله بمال الاخر قهرا بحيث لا يتميز ان تحققت الشركة بهذا المعنى ومع ذلك لا ترتبط الشركة به بما قبلها وبعدها لان هذا معنى من المعاني دخوله في باب الاحكام أولى وثانيهما عقد ثمرته جواز تصرف الملاك للشيء الواحد على سبيل الشياع فيه وهذا هو المعنى الذي به تندرج الشركة في جملة العقود ويلحقها الحكم بالصحة والبطلان واليه يشير المص فيما بعد.
مسالك الافهام ج 1 ص 217 * قال الشارح بعد ذكر هذه العبارة الثانية: واعلم أن الشركة كما تطلق على اجتماع حقوق الملاك في المال الواحد على أحد الوجوه السابقة، كذلك تطلق على العقد المثمر جواز تصرف الملاك في المال المشترك، وبهذا المعنى اندرجت الشركة في قسم العقود، وقبلت الحكم بالصحة والفساد، لا بالمعنى الأول، والمصنف أشار إلى المعنى الأول بما افتتح به من الاقسام، والى الثاني بالاذن المبحوث عنه هنا.
انتهى. أقول: مرجع كلامه السابق وكلامه هنا إلى أن ارتكاب هذا التكلف انما هو لأجل ادخال الشركة في قسم العقود، حيث نظموها في هذا السلك، وفيه أن هذا انما يتم لو ثبت ذلك شرعا أو لغة أو عرفا، وشئ من هذه الأمور غير حاصل.
الحدائق الناضرة ج 21 ص 150 * كتاب الشركة: بكسر الشين مع اسكان الراء وبفتحها مع كسرها، بل واسكانها والنظر فيه يقع في فصول. الأول: في اقسامها ولكن ينبغي ان يعلم أولا أن ماهية الشركة لغة على ما قيل: الاختلاط والامتزاج شيوعا أو مجاورة، وشرعا اجتماع حقوق الملاك، في الشيء الواحد على سبيل الشياع فالأول بمنزلة الجنس الشامل للاجتماع مع التمييز في مكان واحد، والثاني بمنزلة الفصل، فإن المنساق منه الواحد بالشخص لا الواحد بالجنس ولا النوع ولا الصنف، وحينئذ فلا شركة مع تعدد الشخص نعم المراد بالواحد، فيما هو متعلق الشركة، وإن تعدد، لصدق الاجتماع بالمعنى المذكور في كل فرد من أفراد المتعدد.
جواهر الكلام ج 26 ص 283 * لا يخفى أن لفظ الشركة في كلمات الفقهاء مستعمل في معناه اللغوي وهو ما يقابل الاختصاص، وليس لديهم هناك اصطلاح خاص فيه. نعم كلامهم قدس سرهم في المقام يختص بحصة خاصة منها. فإنها قد تفرض في الأمور التكوينية الخارجية كالحفر والقتل وبهذا المعنى جاء في الكتاب العزيز: ولم يكن له شريك في الملك، حيث دلت على انحصار السلطة الحقيقية والاستيلاء الخارجي به تعالى. وقد تفرض في الأمور الاعتبارية من ملكية أو حق، فإنهما قد يختصان بواحد وقد يكونان للمتعددين فيكونون شركاء فيهما. وهذا القسم هو محل الكلام بين الفقهاء (قده). واما واقعية اختيارية من غير استناد إلى عقد، كما إذا أحيى شخصان أرضا مواتا بالاشتراك، أو حفرا بئرا أو اغترفا ماءا، أو اقتلعا شجرا. (واما ظاهرية قهرية)، كما إذا امتزج مالهما من. وفيه: انه لا معنى للشركة الظاهرية قهرية كانت أم اختيارية بعد العلم بعدم الاشتراك واقعا، فان الاحكام الظاهرية انما هي مجعولة في فرض الشك والجهل بالحكم الواقعي، فلا معنى لثبوتها مع العلم به. ودعوى:
ان المراد من الشركة الظاهرية، هو ترتيب آثارها في مقام العمل وان لم تكن هناك شركة في الواقع. مدفوعة: بأنه لا موجب لاجراء احكام الشركة بعد العلم بعدمها واقعا واستقلال كل منهما في ماله. اذن فالصحيح ان يقال: ان الامتزاج إذا كان على نحو يعد الممتزجان شيئا واحدا عرفا وأمرا ثالثا مغايرا للموجودين السابقين، كما في مزج السكر بالخل حيث يوجب ذلك انعدامهما معا وتولد شيء جديد مغاير لهما يسمى بالسكنجبين، ففيه تكون الشركة شركة واقعة حقيقة، فان الموجود بالفعل مال واحد نشأ عن المالين فيكون ملكا لهما معا، إذ لا موجب لاختصاص أحدهما به. وهذا الكلام يجري في كل مزيج يعد موجودا واحدا لدى العرف فإنه يكون مشتركا واقعا. ولا ينافي ذلك انه لو اتفق تفكيكهما بوجه من الوجوه، لكان كل منهما مختصا بمالكه الأول، إذ الشركة الواقعية في المقام مشروطة دون اختيارهما - ولو بفعل أجنبي - بحيث لا يتميز أحدهما من الآخر، سواء كانا من جنس واحد، كمزج حنطة بحنطة، أو جنسين كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير، أو دهن اللوز بدهن الجوز، أو الخل بالدبس واما ظاهرية اختيارية كما إذا مزجا باختيارهما لا بقصد الشركة فان مال كل منهما في الواقع ممتاز عن الآخر، ولذا لو فرض تمييزهما اختص كل منهما بماله وأما الاختلاط ببقاء الامتزاج وكونه موجودا واحد بنظر العرف، فإذا امتازا انفسخت الشركة لا محالة. وأما إذا كان الامتزاج بنحو يكون الموجود بالفعل عبارة عن موجودات متعددة غير قابلة للتمييز خارجا، كما في مزج الدراهم بمثلها، فلا موجب للقول بالشركة أصلا، فان كل درهم موجود مستقل عن الآخر ومحفوظ في الواقع. ولا يبعد ان يكون مزج الحنطة بالحنطة والحنطة بالشعير من هذا القبيل حيث تكون كل حبة من الخليط مملوكة لصاحبها، ولا موجب للقول بالشركة، بعد ان لم يكن العرف يراه موجودا واحدا في قبال الموجودين السابقين. نعم في دقيقهما لا يبعد حكم العرف بوحدة الموجود بالفعل. والحاصل، ففي فرض عدم اعتبار العرف للموجود الخارجي بالفعل موجودا واحدا يبقى كل من المالين على ملك مالكه، وحينئذ فلابد من مقام التمييز من الرجوع إلى الصلح القهري أو القرعة على ما سيأتي.
فقه السيد الخوئي ج 39 ص 233