السرقفلية، الخلو:
* السرقفلية: عوض الاخلاء عن محل الكسب والتجارة. (انظر: خلو) * المال الذي يدفعه المؤجر، أو من يقوم مقامه، إلى المستأجر كي ينهى عقد الإجار ويخلى المحل المستأجر ويسلمه لمالكه. (انظر: خلو) معجم ألفاظ الفقه الجعفري * السرقفلية: هو المال المدفوع للمستأجر مثلا لرفع اليد عما استأجره.
تحرير الوسيلة * ولنختم الكلام في كتاب الإجارة بالتعرض لحكم المسألة العامة البلوى في العصر الحاضر المعرفة بالسرقفلية: فنقول: السكنى في مكان من دار أو دكان و نحوهما قد تكون عن إباحة من المالك وترخيص في هذا التصرف، فهي عارية لا محالة، للمالك الرجوع عن اجازته متى شاء. وأخرى: تكون عن ملك لهذه المنفعة ليس لاحد حتى المالك مزاحمته فيها، وله التصرف كيفما شاء، هذا هو باب الإجارة التي باحثنا حولها لحد الآن. وثالثة: عن حق متخلل بين الامرين وحد متوسط بين المرحلتين فلا هو مجرد الاذن ليكون للآذن الرجوع عن اذنه متى شاء، ولا هو ملك للمنفعة ليكون له التصرف كيفما شاء تصرف الملاك في أموالهم وانما هو حق محض متعلق بالسكنى في هذا المحل. وهذا الحق كما هو قابل لتعلق الجعل به ابتداءا وفي عقد مستقل كما في باب السكنى فيقول: أسكنتك هذه الدار مدة كذا أو ما دمت حيا فتكون له السكونة لكن لا على نحو يكون مالكا للمنفعة، ولذا لا يسوغ له نقلها إلى الغير بإجارة ونحوها، ولا تنتقل إلى ورثته بعد موته لو كان الحق له خاصة أو لعنوان عام كالطلبة، ولا على نحو يتمكن المالك من الرجوع لفرض لزوم العقد كما في الوقف. فكذلك يمكن جعله واشتراطه بشرط صريح أو ضمني ارتكازي في ضمن عقد من العقود كما لو باع داره واشترط على المشتري ان تكون له السكنى في هذه الدار شهرا اما بعوض أو مجانا لا بان يبيعها مسلوبة المنفعة في هذه المدة، بل قد باعها بتمام منافعها، ولذا لا يجوز له اجارتها خلال الشهر لعدم كون المنفعة ملكا له بل للمشتري إلا انه يجعل لنفسه حق السكنى، ولا ريب في نفوذ هذا الشرط عملا باطلاق دليله، ليس للمالك منعه عن السكنى ولا الايجار في هذه المدة من شخص آخر. وربما يشترط هذا الحق في ضمن عقد الايجار فيستأجر الدكان مثلا ويجعل لنفسه حق السكنى، وهذا يكون على وجوه. فتارة يكون الشرط هو سكنى نفسه فقط فمتى رفع اليد يرتفع الحق، وللمالك ايجاره عندئذ من شخص آخر إذ مورد الحق انما هو سكنى نفسه مباشرة وقد سقط، ومن ثم لم يكن له نقله لغيره ولا استرجاع المال الذي دفعه للمالك بإزائه اما على سبيل الزيادة على الأجرة أو الزيادة في الأجرة فإنه قد ذهب من كيسه ولا عودة فيه.
وأخرى يكون الشرط أوسع من ذلك فيجعل الحق لنفسه ولمن يجعل له هذا الحق وينقله اليه بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط، فيكون مورد الحق أعم من المباشرة. وهذا يتصور بل يقع كثيرا في الخارج على قسمين.
فتارة: يحتاج المالك إلى مال كثير كخمسة آلاف دينار مثلا لعمارة دار أو بناية دكان أو فتح محل ونحو ذلك ليؤجرها بعدئذ بقيمة لا يقدم عليها أحد قبل التعمير، فيدفع له المستأجر ذلك المال بإزاء ان يكون له حق السكنى بالمعنى الجامع أي بنحو قابل للنقل بالأجرة التي اتفقا عليها فلا مشروطا بان لا يزيد عليها في السنين الآتية وان ترقت القيمة السوقية اضعاف ما هي عليه الآن كما هو كذلك غالبا فللمستأجر بعد ذلك حق السكنى لا مجانا بل بأجرة معينة لا تزيد ابدا، قد حصل على هذا الحق بإزاء المبلغ الذي دفعه أولا المعبر عنه بالسرقفلية وهو حق كساير الحقوق له مالية عقلائية وقابل للنقل إلى الغير ببيع أو ارث ونحوهما بمقتضى الاتفاقية. وإذا كان قد اشترى هذا الحق من أرباح سنته وجب عليه خمسه في آخر السنة بقيمته الفعلية التي تزيد على ما اشتراه به، وربما تنقص وربما يتساويان.
وتارة أخرى يشترط على المالك حق السكني كي يستقر ولا ينتقل من محله إلى آخر ولكن كل سنة بقيمتها الفعلية ولا يلزم حينئذ دفع شيء اليه مسبقا فلو وافق المالك على هذا الشرط ورضي بالحق لم يكن له بعدئذ اخراجه ولا زيادة الأجرة زيادة فاحشة اضعاف الأجرة السوقية لكونه بمثابة منعه عن حق السكنى المفروض ثبوته له، وإنما له الزيادة بالمقدار المتعارف حسب القيمة الوقتية. ثم ان هذا الحق إذا كان ثابتا له بالمعنى الجامع الأعم من المباشرة كما هو المفروض ساغ له نقله إلى الغير واخذ السرقفلية منه كما في الصورة السابقة. واما إذا كان خاصا به بحيث لا يقبل النقل فليس له ذلك. نعم له ان يأخذ حينئذ شيئا بإزاء رفع اليد واسقاط الحق بافراغ المحل وأخلائه كي يتمكن المستأجر الجديد من مراجعة المالك والاستيجار منه، اما مع السرقفلية أو بدونها. وهذا شيء آخر غير السرقفلية كما لا يخفى.
فقه السيد الخوئي ج 38 ص 507