فيما قاله الإمام يحيى وما قاله غيره في القباب والمشاهد إلى ما أمر الله بالرد إليه، وهو كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كان في ذلك ما يشفي ويكفي، ويقنع ويغني ذكر بعضه، فضلا عن ذكر جميعه، وعند ذلك يتبين لكل من لهم فهم، ما في رفع القبور من الفتنة العظيمة لهذه الأمة، من المكيدة البالغة التي كادهم الشيطان بها. وقد كان بها من كان قبلهم من الأمم السابقة، كما حكى الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه العزيز.
وكان أول ذلك في قوم نوح، قال الله سبحانه: (قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا، ومكروا مكرا كبارا، وقالوا لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) " كانوا قوما صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم. فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم، ثم عبدتهم العرب بعد ذلك "، وقد حكى معنى هذا في صحيح البخاري عن ابن عباسي رضي الله عنهما، وقال قوم من السلف:
" إن هؤلاء كانوا قوما صالحين من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمر فعبدوهم ".
ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: " أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة، وذكرت له ما رأت فيها من الصور. فقال رسول الله صلى الله عليه