المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٢٧
من كل واحدة قطعة فتطبخ له فأكل من لحما وحسا من مرقها وقد صح عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا فدل ان دم القران يباح التناول منه وإذا ثبت أنه دم نسك فما يكون فيه زيادة نسك فهو أفضل ولهذا جعل التمتع أفضل من الافراد في ظاهر الرواية لان فيه زيادة نسك الا ان القران أفضل منه لما فيه من زيادة التعجيل بالاحرام بالحج واستدامة احرامهما من الميقات إلى أن يفرغ منهما وفى حق المتمتع العمرة ميقاتية والحجة مكية وعلى رواية ابن شجاع رحمه الله تعالى الافراد أفضل من التمتع لهذا المعنى ان حجة المتمتع مكية يحرك بها من الحرم والمفرد يحرم بكل واحد منهما من الحل ولهذا جعل محمد رحمه الله تعالى الافراد بكل واحد منهما من الكوفة أفضل لأنه ينشئ سفرا مقصودا لكل واحد منهما وقد صح ان عمر رضي الله عنه نهى الناس عن المتعة فقال متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا أنهى الناس عنهما متعة النساء ومتعة الحج وتأويله أنه كره أن يخلو البيت عن الزوار في غير أشهر الحج فأمرهم أن يعتمروا بسفر مقصود في غير أشهر الحج كيلا يخلو البيت من الزوار في شئ من الأوقات لا أن يكون التمتع مكروها عنده بدليل حديث الصبي بن معبد قال كنت امرأ نصرانيا فأسلمت فوجدت الحج والعمرة واجبتين على فقرنت بينهما فلقيت نفرا من الصحابة فيهم زيد بن صوحان وسلمان ابن ربيعة رضي الله عنهما فقال أحدهما لصاحبة هو أضل من بعيره فلقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخبرته بذلك فقال ما قالا ليس بشئ هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم إذا عرفنا هذا فنقول من أراد القران فتأهبه للاحرام كتأهب المفرد على ما بينا إلا أنه في دعائه بعد الفراغ من الركعتين يقول اللهم إني أريد العمرة والحج وكذلك يلبى بهما ويقول لبيك بعمرة وحجة معا وإنما يقدم ذكر العمرة لان الله تعالى قدمها في قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ولأنه في أداء الأفعال يبدأ بالعمرة فكذلك في الاحرام يبدأ في التلبية بذكر العمرة وان اكتفي بالنية ولم يذكرهما في التلبية أجزأه على قياس الصلاة إذا نوى بقلبه الصلاة وكبر (قال) ثم يبدأ إذا دخل مكة بطواف العمرة بالبيت وسعى بين بين الصفا والمروة على نحو ما وصفنا في الحج ثم يطوف للحج بالبيت ويسعي له بين الصفا والمروة وهذا عندنا ان القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين وعند الشافعي رحمه الله تعالى يطوف طوافا واحدا ويسعى سعيا واحدا واحتج بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست