إفريقية فقدمها سنة أربع عشرة وبنى جامع تونس واتخذ لها دار الصناعة لانشاء المراكب البحرية وبعث إلى طنجة ابنه إسماعيل وجعل معه عمر بن عبيد الله المرادي وبعث على الأندلس عقبة بن حجاج القيسي وبعث حبيب بن عبيدة بن عقبة بن نافع غازيا إلى المغرب فبلغ السوس الأقصى وأرض السودان وأصاب من مغانم الذهب والفضة والسبي كثيرا ودوخ بلاد المغرب وقبائل البربر ورجع ثم أغزاه ثانية في البحر إلى صقلية سنة ثنتين وعشرين ومعه عبد الرحمن بن حبيب فنازل سرقوسة أعظم مدائن صقلية وضرب عليهم الجزية وأثخن في سائر الجزيرة وكان محمد بن عبيد الله بطنجة قد أساء السيرة في البربر وأراد أن يخمس من أسلم منهم وزعم أنه الفئ فاجمعوا الانتقاض وبلغهم مسير العساكر مع حبيب بن أبي عبيدة إلى صقلية فسار ميسرة المظفري بدعوة الصفرية من الخوارج وزحف إلى طنجة فقتل عمر بن عبيد الله وملكها واتبعه البربر وبايعوه بالخلافة وخاطبوه بأمير المؤمنين وفشت مقالته في سائر القبائل بإفريقية وبعث ابن الحبحاب إليه خالد بن حبيب الفهري فيمن بقي معه من العساكر واستقدم حبيب ابن أبي عبيدة من صقلية ومن معه من العساكر وبعثه في اثر خالد ولقيهم ميسرة والبربر بناحية طنجة فاقتتلا قتالا شديدا ثم تحاجزوا ورجع ميسرة إلى طنجة فكره البربر سوء سيرته فقتلوه وولوا عليهم مكانه خالد بن حبيب الزناتي واجتمع إليه البربر ولقيه خالد ابن حبيب في العرب وعساكر هشام فانهزموا وقتل خالد بن حبيب وجماعة من العرب وسميت بهم غزوة الاشراف وانتقضت إفريقية على ابن الحبحاب وبلغ الخبر إلى الأندلس فعزلوا عامله عقبة بن الحجاج وولوا عبد الملك بن قطن كما مر * (كلثوم بن عياض) * ولما انتهى الخبر إلى هشام بن عبد الملك بهزيمة العساكر بالمغرب استنقص ابن الحبحاب وكتب إليه يستقدمه وولى على إفريقية سنة ثلاث وعشرين كلثوم بن عياض وعلى مقدمته بلخ بن بشر القشيري فا ساء إلى أهل القيروان فشكوا إلى حبيب بن أبي عبيدة وهو بتلمسان موافق للبربر فكتب إلى كلثوم بن عياض ينهاه ويتهدده فاعتذر وأغضى له عنها ثم سار واستخلف على القيروان عبد الرحمن بن عقبة ومر على طريق سبيبة وانتهى إلى تلمسان ولقى حبيب بن عبيدة واقتتلا ثم اتفقا ورجعا جميعا وزحف البرابرة إليهم على وادى طنجة وهو وادى سوا فانهزم بلخ في الطلائع وانتهوا إلى كلثوم فانكشف واشتد القتال وقتل كلثوم وحبيب بن أبي عبيدة وكثير من الجند وتحيز أهل الشأم إلى سبتة مع بلخ بن بشر فحاصرهم البرابرة وأرسلوا إلى عبد الملك بن قطن أمير الأندلس في أن يجيزوا إليه فأجابهم إلى ذلك بشرط ان يقيموا سنة واحدة وأخذ رهنهم على ذلك وانقضت
(١٨٩)