إسماعيل من بخارى وطرده عنها، فدعا عليه البخاري فلم يفلح بعدها، ولم يبق في الامرة إلا أقل من شهر حتى احتيط عليه وعلى أمواله وأركب حمارا ونودي عليه في بلده ثم سجن من ذلك الحين فمكث في السجن حتى مات في هذه السنة، وهذا جزاء من تعرض لأهل الحديث والسنة.
وممن توفي فيها أيضا إسحاق من يسار (1)، وحنبل بن إسحاق عم الإمام أحمد بن حنبل، وهو أحد الرواة المشهورين عنه، على أنه قد اتهم في بعض ما يرويه ويحكيه. وأبو أمية الطرسوسي (2). وأبو الفتح بن شخرف (3) أحد مشايخ الصوفية، وذي الأحوال والكرامات والكلمات النافعات. وقد وهم ابن الأثير في قوله في كامله: إن أبا داود صاحب السنن توفي في هذه السنة، وإنما توفي سنة خمس وسبعين كما سيأتي. وفيها توفي:
ابن ماجة القزويني صاحب السنن وهو أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة صاحب كتاب السنن المشهورة، وهي دالة على عمله وعلمه وتبحره واطلاعه واتباعه للسنة في الأصول والفروع، ويشتمل على اثنين وثلاثين كتابا، وألف خمسمائة باب، وعلى أربعة آلاف حديث كلها جياد سوى اليسيرة. وقد حكي عن أبي زرعة الرازي أنه انتقد منها بضعة عشر حديثا. ربما يقال إنها موضوعة أو منكرة جدا، ولابن ماجة تفسير حافل وتاريخ كامل من لدن الصحابة إلى عصره، وقال أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني: أبو عبد الله بن محمد بن يزيد بن ماجة، ويعرف يزيد بماجه مولى ربيعة، كان عالما بهذا الشأن صاحب تصانيف، منها التاريخ والسنن، ارتحل إلى العراقين ومصر والشام، ثم ذكر طرفا من مشايخه، وقد ترجمناهم في كتابنا التكميل ولله الحمد والمنة. قال: وقد روى عنه الكبار القدماء: ابن سيبويه ومحمد بن عيسى الصفار، وإسحاق بن محمد وعلي بن إبراهيم بن سلمة القطان، وجدي أحمد بن إبراهيم، وسليمان بن يزيد. وقال غيره: كانت وفاة ابن ماجة يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين عن أربع وستين سنة، وصلى عليه أخوه أبو بكر تولى دفنه مع أخيه الآخر أبي عبد الله وابنه عبد الله بن محمد بن يزيد رحمه الله.
ثم دخلت سنة أربع وسبعين ومائتين فيها نشبت الحرب بين أبي أحمد الموفق وبين عمرو بن الليث بفارس فقصده أبو أحمد فهرب منه .