تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٧٣
ذلك الشخص في الدنيا صوابا أي أقر بالوحدانية وشهد أن لا إله إلا الله فالآية في معنى قوله تعالى: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " الأنبياء: 28.
ويدفعه أن العناية الكلامية في المقام متعلقة بنفي أصل الخطاب والتكلم يومئذ من كل متكلم لا بنفي التكلم في كل أحد مع تسليم جواز أصل التكلم فالمستثنون هم المتكلمون المأذون لهم في أصل التكلم من دون تعرض لمن يتكلم فيه.
(كلام فيما هو الروح في القرآن) تكررت كلمة الروح - والمتبادر منه ما هو مبدء الحياة - في كلامه تعالى ولم يقصرها في الانسان أو في الانسان والحيوان فحسب بل أثبتها في غيرهما كما في قوله:
" فأرسلنا إليها روحنا " مريم: 17، وقوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " الشورى: 52 إلى غير ذلك فللروح مصداق في الانسان ومصداق في غيره.
والذي يصلح أن يكون معرفا لها في كلامه تعالى ما في قوله: " يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى " أسرى: 85 حيث أطلقها اطلاقا وذكر معرفا لها أنها من أمره وقد عرف أمره بقوله: " إنما امره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ " يس: 83 فبين أنه كلمة الايجاد التي هي الوجود من حيث انتسابه إليه تعالى وقيامه به لا من حيث انتسابه إلى العلل والأسباب الظاهرية.
وبهذه العناية عد المسيح عليه السلام كلمة له وروحا منه إذ قال: " وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " النساء: 171 لما وهبه لمريم عليه السلام من غير الطرق العادية ويقرب منه في العناية قوله تعالى: " إن مثل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " آل عمران: 59.
وهو تعالى وإن ذكرها في أغلب كلامه بالإضافة والتقيد كقوله: " ونفخت فيه من روحي " الحجر 29، وقوله: " ونفخ فيه من روحه " السجدة: 9، وقوله:
" فأرسلنا إليها روحنا " مريم: 17، وقوله: " وروح منه " النساء: 171 وقوله:
" وأيدناه بروح القدس " البقرة 87: إلى غير ذلك إلا أنه أوردها في بعض كلامه مطلقة من غير تقييد كقوله: " تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر " القدر:
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست