[قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على على] قال ابن هلال الثقفي: وروى محمد بن عبد الله بن عثمان، عن أبي سيف، عن الحارث بن كعب الأزدي، عن عمه عبد الله بن قعين الأزدي، قال: كان (1) الخريت بن راشد الناجي، أحد بنى ناجية، قد شهد مع علي عليه السلام صفين، فجاء إلى علي عليه السلام بعد انقضاء صفين، وبعد تحكيم الحكمين في ثلاثين من أصحابه، يمشى بينهم حتى قام بين يديه، فقال: لا والله لا أطيع أمرك، ولا أصلى خلفك، وإني غدا لمفارق لك، فقال له: ثكلتك أمك! إذا تنقض عهدك، وتعصى ربك، ولا تضر إلا نفسك، أخبرني لم تفعل ذلك! قال: لأنك حكمت في الكتاب، وضعفت عن الحق إذ جد الجد، وركنت إلى القوم الذين ظلموا أنفسهم، فأنا عليك راد، وعليهم ناقم، ولكم جميعا مباين.
فقال له علي عليه السلام: ويحك! هلم إلى أدارسك وأناظرك في السنن، وأفاتحك أمورا من الحق أنا أعلم بها منك، فلعلك تعرف ما أنت الان له منكر، وتبصر ما أنت الان عنه عم وبه جاهل، فقال الخريت: فإني غاد عليك غدا. فقال علي عليه السلام: اغد ولا يستهوينك الشيطان، ولا يتقحمن بك رأى السوء، ولا يستخفنك الجهلاء الذين لا يعلمون، فوالله إن استرشدتني واستنصحتني وقبلت منى لأهدينك سبيل الرشاد.
فخرج الخريت من عنده منصرفا إلى أهله.
قال عبد الله بن قعين: فعجلت في أثره مسرعا، وكان لي من بنى عمه صديق، فأردت أن ألقى ابن عمه في ذلك، فأعلمه بما كان من قوله لأمير المؤمنين، وآمر ابن عمه أن يشتد بلسانه عليه، وأن يأمره بطاعة أمير المؤمنين ومناصحته، ويخبره أن ذلك خير له في عاجل الدنيا وآجل الآخرة.
قال: فخرجت حتى انتهيت إلى منزله - وقد سبقني - فقمت عند باب دار فيها رجال من أصحابه، لم يكونوا شهدوا معه دخوله على أمير المؤمنين عليه السلام، فوالله ما رجع